لا يزال تلمس نتائج اجتماع «جدة» الذي التأم أمس الأول، في إطار الحرب الدولية على الإرهاب أمراً مبكراً جداً، لكن أولى قطرات الغيث التي لمسها كل مراقب لهذا الحدث الإقليمي والدولي المهم، هو ما يمكن وصفه بالتأسيس لعودة العراق إلى حضنه العربي، بعد عزلة طويلة ظل فيها العراق بعيداً عن حاضنته العربية. فالتمثيل العراقي على صعيد وزير الخارجية في القمة كان له دلالات كبيرة، ومغزى سياسي لا يمكن إغفاله، وهو أن العراق بات يحظى بقيادة سياسية عقلانية وأكثر انفتاحاً على النظام العربي الذي ينتسب إليه العراق، والذي لايمكن أن يكون إلا جزءاً منه. هذه النظرة التفاؤلية ليست ترفاً ولا ضرباً من خيال، بل يمكن تلمسها بشكل جلي وواضح، من خلال تتبع التصريحات السياسية والصحفية التي صدرت عن رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، التي أكد فيها أن العراق في حاجة إلى تجاوز ما أفسدته المرحلة السابقة من سنوات القطيعة مع محيطه العربي، إثر الغزو العراقي للكويت وما نجم عنه من كارثة كبرى على وحدة الصف العربي. لقد أكدت تصريحات الجبوري أن عودة العراق إلى الحاضنة العربية أولوية قصوى، وأن البرلمان العراقي بكل كتله سيعمل على مساعدة الحكومة على تحقيقها، وهنا يسعنا القول: إن قمة جدة، إن لم تحقق إلا هذا الهدف، فهي قمة ناجحة بكل المعايير، فالحرب على «الإرهاب» والجماعات التكفيرية التي تصول وتجول في المنطقة العربية وخاصة في العراق وسوريا، تحتاج أكثر ما تحتاج إلى وحدة وتنسيق بين الأطراف العربية المعنية، وأكثر هذه الأطراف العربية التي يجب دعمها والتنسيق معها في هذا الشأن هي دولة العراق، التي وجدت نفسها في مواجهة غير متكافئة مع تنظيم إرهابي يمارس القتل وسفك الدماء واستباحة الأعراض وإيذاء الذميين والأقليات، ليجد كل مسلم نقي يسير على المحجة البيضاء، أن جوهر الدين الإسلامي قد تعرض إلى التشويه والإساءة في الإعلام الغربي، بسبب أفعال هؤلاء الخوارج الذين يريدون أن يكذب الناس بما قاله الله ورسوله.