الأدب هو التعبير الحيّ عن حياة الناس وآمالهم وآلامهم وتطلعاتهم وأحلامهم وأخطائهم، هو الموسيقى التي يضبط البشرُ إيقاع حياتهم عليها، وبه يستطيع هذا الكائن الإنسان أن يبقى إنساناً يحبّ ويتأمل ويسمو، لذلك كان من الحتميّ أن يحتلّ هذا الفنّ مكانة عظيمة في نفوس الشعوب، فكان الاهتمام به كبيراً في مناهج التعليم الحديثة في غالبية الدول التي ترى في الأدب حياةً وثقافة وضرورة! في مناهجنا مادة للنصوص في المرحلة المتوسطة، ومادة الأدب العربي في المرحلة الثانوية، وهناك عديد من الملاحظات المهمة على هذه المادة، فأول ما يلحظه من يتصفح مادة الأدب العربي للصف الأول الثانوي أن هذا الصف مخصص لدراسة الأدب الجاهلي، ومن العجيب أن طالباً تخرج من المرحلة المتوسطة بعد دراسة نصوص سهلة وقليلة ثم يُصدم في المرحلة الثانوية بنصّ لامرئ القيس! بين هذا الطالب وبين امرئ القيس مالا يقل عن 1500 سنة! خلال هذه القرون الطويلة تغيّرت اللغة وتغيّر الأسلوب في الشعر وتغيّرت الاهتمامات وتغيّرت المفاهيم الشعرية وتغيّرت طرائق الحياة وطبيعتها وتغيّر الذوق والشعر! ومع ذلك نطالب هذا الطالب أن يتذوق هذا النص من معلّقة الملك الضلّيل مع أنه لا يربطه به أي رابط! ماذا لو درس الطالب نصوصاً تعبّر عن واقعه وحياته وتطلعاته وهموم مجتمعه العربي، ليت الوزارة تهتمّ بالأدب الحديث واللغة المفهومة حتى يتيسر للطالب فهم النصوص الأدبية وتذوقها والتفاعل معها، ثم يكون الأدب العباسي والإسلامي والجاهلي في مرحلة متأخرة من الدراسة «في الثالث الثانوي مثلاً» بعد أن حصّل الطالب حصيلة لغوية واستطاع التمرّس على فحص الشعر وقراءته ومحاولة نقده، وهذا هو المأمول في نظام المقررات الجديد الذي تسعى وزارة التربية والتعليم لتعميمه في جميع المدارس.