في أيام باردة من شهر فبراير من عام 1600م تم إحراق شخص على قيد الحياة في ساحة عامة في روما وتدفأ الناس على لهيب الحطب. أحرق من أجل كلمتين قال باتساع الكون اللانهائي وتعدد المجرات، ونحن نعلم اليوم أن كوننا يحوي ما لا يقل عن مائة مليار مجرة، في حجم مجرتنا «درب التبانة MILK WAY» وأكبر، والكلمة الثانية أن الكون يقوم على جدلية الوحدة والتعدد، والثبات والصيرورة. رأى الكهنوت والحرفيون المتشددون من المتدينين الكنسيين يومها في إيطاليا أن ما هو أخطر من أفكار الرجل ومنظومته الفكرية خطورة «حرية الفكر» ولذلك يعتبر المؤرخ الأمريكي «ويل ديورانت» أن «جيوردانو برونو GIORDANO BRONO» مات بالأحرى شهيد حرية الفكر أكثر من «فكر» بعينه. بني الوجود على جدلية رائعة كما هي محيرة بين التغير والثبات، والوحدة والتعدد، فلا تشبه لحظة لحظة، ولا يشبه مخلوق آخر، ضمن قانون يمسك بالحركة، ويكرر المخلوقات في نسق صيرورة عامة؛ فاليوم يضم الليل والنهار ويكرر نفسه، ولا يشبه يوم آخر في حركة ضمن الفصول، وتكرر الفصول نفسها، في حركة رتيبة للأرض حول الشمس، ولا تكرر نفسها في سباحة عبر الملكوت إلى أجل مسمى. قانون الصيرورة يهيمن على قوانين الفيزياء، وتطور البيولوجيا، ونمو العقل، ومعارج النفس، وحركة التاريخ، ومصير الحضارات، تفهمه الفلسفة كقانون وجودي أسمى، ويرى فيه الدين الدليل على البعث والنشور، من دلائل تطور وانقلاب البيولوجيا والنبات. اقرأوا سورة ق لتروا هذا النسق من العرض. في أهم تخليص للضمير عن معنى الموت والحياة والإيمان والدنيا والآخرة والقبر والحياة. النسبية ترى الوجود في صورة كتلة وشكل وأبعاد وزمن، كلها متغير بفعل تغير السرعة وانقلاب الزمن؛ وهي بدورها مختلفة من نظام شمسي لآخر، فالزمن يتدفق في الكون مفكك الأوصال، وليس كما رأى نيوتن الزمن قيمة مطلقة، وإن كانت النسبية اليوم تتعرض لهجمة علمية تدخل الشروخ إلى محتواها وتعرضها إلى موجة ترنح؛ فالفيزيائي «نيمتس NIMITZ» من كوبلنتس «Koblenz» تقدم بإثباتات مثيرة عن شيء أسرع من الضوء بخمس مرات، وهو بهذا يوجه ضربة خطيرة إلى العمود الفقري للنظرية النسبية؛ فعند آينشتاين ليس من شيء ثابت في الكون إلا سرعة الضوء «300 ألف كم في الثانية» وكل شيء ينقلب مع انقلاب السرعة بما فيه الزمن، فمع وصول الإنسان إلى سرعة الضوء يتباطأ الزمن K ليقف في النهاية K دون شعور صاحبه «الفيزيائي» أن ساعة الزمن توقفت عن الدق، وينضغط الطول إلى الصفر مسطحاً مثل الورقة، وتُستهلك طاقة لا نهائية، ويزداد وزن الأشياء إلى اللا نهاية، وكلها أشياء في حكم المستحيل «الذهني الحالي» كما نرى. وصول السرعة إلى الحالة الحدية الكونية بسرعة الضوء، يعني انقلاب محور الزمن. ولكن الفيلسوف «محمد إقبال» اعتبر الزمن ليس «دورة الفلك» بل «حالة النفس» خارج الإطار الفيزيائي، واقترب من هذا الفيزيائي البريطاني «ستيفن هوكينج STEVEN HOWKING» في كتابه قصة قصيرة للزمن «BRIEF HISTORY OF THE TIME» في أحد تعريفاته للزمن. وهو كتاب يجب أن يكون في كل بيت ويقرأه كل مهتم بالثقافة.