حسب (كارل ساجان) في كتابه (الكون) أن (إيراثوسثينس) توصل إلى حساب (محيط) الكرة الأرضية، بالظل وحساب الدرجة من (بطيخة الكرة الأرضية) وعمودين من الحديد، والمشي بين أسوانوالإسكندرية بال (الفشخة) وبين أنها 40 ألف كيلومتر. ونحن نعرف اليوم أن قطر الأرض بالضبط هو 12756 كيلومتراً إذا ضرب بمعامل (بي 3,14) يكون محيط الأرض ما وصل إليه هذا العالم الفذ؟ ولكن مدرسة الإسكندرية ضمت عالمة فلكية هي (هيباتيا) أنتهت حياتها رجماً على يد الرعاع من المتعصبين المسيحيين (السلفيين)، حين قالت بدوران الأرض حول الشمس، ليس على أنموذج أرسطو المثالي بالدائرة، بل بالقطع الناقص (الإهليلجي) فنقضت بناء (بطليموس) الذي تبنته الكنيسة بحماقة عن مركزية الأرض، ونقضت بناء أرسطو حول مثالية الكرة والدائرة، ونحن نعرف تماماً أن الأرض (دحية)، وأن دوران الأرض حول الشمس، ليس دائرة مكتملة، بل ب 4 أشكال من القطع الناقص، والحضيض، والاهتزاز، واختلاف السرعة. ومع قتل (هيباتيا) وحرق مكتبة الإسكندرية، انتهت الحياة العلمية في مصر ومازالت، ودلفت إلى ظلمات ليل التاريخ. هذا الصدام المفجع بين (حرية) الفكر و(الأغلال) العقائدية أنهت الحياة في أكثر من ثقافة، وليست حصراً على مدرسة الإسكندرية، التي تحدث عنها كارل ساجان باستفاضة. فقد تم تدمير حضارة (الإزتيك) على يد عصابات من اللصوص الإسبان (الأشقياء كورتيس وبيزارو)، بسبب شعورهم بنهاية العالم، على بعض التفسيرات، كما أشار إلى ذلك أستاذ السوربون (تزفيتان تودوروف) في كتابه (اكتشاف أمريكا مسألة الآخر). وفي قرطبة قبل أن تمحى عام 1238 م بزمن طويل كان (ابن رشد) يلعن على ألسنة الفقهاء، ويتبرأون منه، وينفونه إلى قرية الليسانة اليهودية ليموت فيها. وفي إيطاليا أضيء الأفق بحريق بشع مع افتتاح القرن السابع عشر (17 فبراير 1600م) أكل جسد (جيوردانو برونو)، وكانت التهمة الموجهة له حسب كتابه (العلة والغاية) كيف يرى الكون لا نهائياً يزدحم بالمجرات، وهل من المعقول أن يأتي المسيح حسب عقيدة روما لينزل من (اللاهوت) ويتقمص (الناسوت) ويفدي البشر بجسده على المصلبة، والأرض ليست أكثر من ذرة ضائعة في المحيط الكوني؟ قال (كارل ساجان) إن عالم المجرات والسدم والأفلاك المزدحم هو من الضخامة والاتساع وفلكية الأرقام، فيما لو تصورنا قبضة من رمل تحوي 10 آلاف حبة رمل. قال الرجل إن ما يوجد في الكون من كواكب ونظم شمسية هو أكثر من حبات رمال شواطئ العالم أجمعين؟ إنه أمر يخشع فيه المرء. وحالياً يرى الفلكيون بعد إرسال تلسكوب (هابل) إلى عمق 100 كيلومتر في الفضاء الكوني، أن بداية الكون تعود إلى 13,7 مليار سنة، وأنه بعد الانفجار العظيم والتمدد الذي أثبتوه بواسطة بعثة (CEP2) في الإنتراكتيس قبل قليل، أن 100 مليار نظام شمسي في مجرتنا، هي بدورها ذرة من 100 مليار مجرة.