تعدى مهرجان القطيف «واحتنا فرحانة» المقام على الواجهة البحرية في المحافظة، الفعاليات الترفيهية ليتحول إلى تظاهرة ثقافية تحتضن المثقفين والفنانين والشعراء وأهل التراث والتاريخ تحت خيمة واحدة. المهرجان الذي جاء ليرسم فرحة العيد على وجوه الأطفال والشباب والكبار، بفعالياته الترفيهية، تحول إلى محط نخب جاؤوا ليثروا الفعاليات ببرامج ثقافية وفكرية وفلكلورية واجتماعية، مما دفعه ليكون متنفساً ثقافياً وسياحياً، على الرغم من تعرُّضه لحملة انتقادات لاذعة بعد مشاركة طفلات في أوبريت الافتتاح، وهو الأمر الذي طالب بعضهم بعدم تكراره خوفاً من الوقوع في محظورات شرعية. وشهد المهرجان في سابع وثامن أيامه إقامة أمسيات ثقافية أحياها مهتمون، آخرها محاضرة أقيمت تحت عنوان «رائد الأدب بالقطيف» تناولت شخصية الأديب والمؤرخ محمد سعيد المسلم، قدمها الدكتور سامي المسلم، على مسرح «الحي التراثي» في المهرجان، تناولت سيرته الأدبية ومختارات من قصائده ومؤلفاته. ومن الأدب إلى الفن، حيث استضاف المهرجان رسام الكاريكاتير ماهر عاشور، في أمسية تحدّث فيها عن بدايته في عالم الفن والرّسم، والقضايا التي يتناولها الرسم الكاريكاتيري. وجاءت هذه الاستضافة امتداداً لسلسلة أمسيات فنية وتشكيلية نظمها المهرجان وشاركت فيها وجوه فنية بينها التشكيليان عبدالعظيم شلي ومحمد المصلي. ولهواة فن التصوير مكان بارز في المهرجان، حيث اتخذ الفوتوجرافي محمد آل شبيب من باحة المهرجان مكاناً لإقامة ورش تصوير فوتوجرافية، كان لها جمهور واسع على أرض المهرجان. فيما كان لهواة الصور الوثائقية حضور مميز عند كل زاوية من زوايا المهرجان، وكان بطل هذه الفعالية المصور الشاب علي عثمان أبوالليرات، الذي برز بشكل لافت في تغطية وتوثيق أدق التفاصيل للمهرجان بدءاً من أول لبنة في محطته. كما شارك في سابع أيام المهرجان الموثق زكي علي المدلي على مسرح «الحي التراثي»، عبر أمسية عرض فيها مجموعة من الصور القديمة الموثقة لتاريخ وتراث محافظة القطيف التي قام بتصويرها بنفسه. يقول مفيد آل شوكان، وهو أحد زوار المهرجان، بأنه جاء مع أطفاله وأسرته للمشاركة في الفعاليات الترفيهية، إلا أنه من خلال تجوله على خيم المهرجان والأركان المتعددة الأخرى، وجد نفسه في زخم الحراك الحضاري، لا يجد له توصيفاً سوى «التظاهرة الثقافية بكل معنى الكلمة». ويرى الفنان التشكيلي عبدالعظيم الضامن أن المهرجان والفعاليات التي تقام في محافظة القطيف هي منصة ومحطة انطلاق لكثير من المواهب الفنية والثقافية، ومرآة ونافذة للعالم، التي بالتأكيد ستنقل للآخر جانباً من الصورة غير المرئية لثقافة وحضارة وتاريخ وتراث أبناء المحافظة.