من عيوب الدراما السعودية أن الفنان الكوميدي عندنا يحصر نفسه في شخصية معيِّنة أو مسلسل معيَّن. وهذا المسلسل ربما حصد نجاحاً صغيراً أو كبيراً معه عندما عرض لأول مرة فقط. ولكنه مع ذلك يستمر في تقديمه ويتمسك به لسنوات طويلة حتى يمل منه الجمهور ثم يتوقف المسلسل بشكل إجباري نتيجة لفشل الفنان في مواصلة حصد النجاح الذي حققه في النسخة الأولى. وهؤلاء الفنانون كانوا في غنى عن هذا الملل الجماهيري منهم، ومن أعمالهم وكانوا في غنى عن حصد فشل فني سنوي ذريع لو اكتفوا بتقديم نسخة واحدة من المسلسل مهما كان ناجحاً ثم فكّروا في مسلسل آخر ليحصدوا نجاحاً أكبر وأوسع. وأنا لا أعلم عن السبب الذي يجعل الفنان السعودي يحصر نفسه في مسلسل واحد. هل ذلك بسبب شح النصوص؟. أو لأن الفنان السعودي قدراته الفنية محدودة مثلاً ولايستطيع أن يتقمص أدوراً متعددة؟. أو لأن سقف طموحاته ليس عالياً فيقتنع بأي نجاح بسيط؟. خذ على سبيل المثال لا الحصر. عبدالله السدحان وناصر القصبي قدّما المسلسل السعودي الأشهر طاش ما طاش على مدى 18سنة. أي إن نجمي طاش السدحان والقصبي ضيّعا قرابة عشرين سنة من تاريخهما الفني على مسلسل واحد فقط. في المقابل فإن ممثلاً كوميدياً خليجياً من نفس جيلهما مثل طارق العلي قدّم خلال هذه المدة عشرين مسلسلا مختلفا. وقبلهم الفنان محمد العلي أيضاً الذي يصنف كأحد الفنانين الكبار، ومع ذلك فقد استمر 8 سنوات متتالية وهو يقدم مسلسل خلك معي. الذي قدم كمنافس لطاش في تلك الفترة لكنه لم يحصد النجاح المنشود، ومع ذلك استمر التليفزيون السعودي في عرضه طيلة تلك المدة. فايز المالكي على الرغم من موهبته الفنية وقدراته العالية في الكوميديا إلا أنه ضيّع 8 سنوات من عمره الفني على مسلسلين فقط بيني وبينك وسكتم بكتم. كان من الممكن أن يقدم فايز خلال هذه المدة أكثر من عمل فني يزيد من شعبيته وقاعدته الجماهيرية. وفهد الحيان الذي يُعد أحد أهم اكتشافات طاش ما طاش هو الآخر حبس نفسه في كركتر واحد وفي مسلسل غشمشم لمدة 6 سنوات متتالية. الممثل السعودي الكوميدي هو الممثل الكوميدي الوحيد تقريباً في الخليج والوطن العربي الذي يتمسك بمسلسل واحد أو شخصية واحدة ويستمر في تقديمها سنة بعد سنة. راجع تاريخ عبدالحسين عبدالرضا أوعادل إمام. الأول أعظم كوميدي خليجي والآخر أعظم كوميدي عربي. لاتجد في تاريخهما الفني الطويل الممتد إلى نصف قرن مسلسلاً أو فيلماً مكرّراً. لديهما قائمة طويلة وعريضة من الأعمال الفنية الخالدة. كل عمل فني مختلف عن الآخر. لايمكن أن ترى في تاريخ عبدالحسين مسلسل درب الزلق الجزء ال27 . ولا أن ترى في مسيرة عادل إمام فيلم المتسول الجزء الثالث مثلاً. الفنان الناجح لايمكن أن يكرر أي عمل مهما حصد من إشادات ومهما بلغ من النجاح. بل يبحث عن نجاح آخر وفكرة جديدة.