دورة الحياة وتناقل المراكز واختلاف العطاء لا تمحو العزيمة ولا الرجاء، وهذه الحياة في أي مجال كان هي دولاب كشريط سينمائي يسير إلى الأمام وتبقى الذكريات، إنما التاريخ يسجل ولا يرحم، والضعف له مسبباته والقوة لها أسبابها. انظر إلى ما حدث في مونديال البرازيل، كم من المفاجآت وكم من الكبار تهمشوا وسقطوا عند إصرار الصغار! ما نحتاجه هو الإصرار وحُسن الانتماء، واللعب من أجل راية الوطن وعزة الأمة، وليس من أجل حفنة مال أو صورة ملونة تصور في صحيفة في الإعلام. هناك فِرَق في المونديال هي الأكثر فقراً في دول العالم.. ميزانيتها الرياضية لا تصل إلى عقد فرد من أفراد مشاهير الكرة إلا أنها تركت بصمة واعتزازاً، وهذا ما لاحظناه مع الفريق الأخضر الجزائري الشقيق عندما تعاطفت معه الدول العربية وكثير من دول العالم، وهم يُقدمون أداءً رجولياً أذهل العالم وأزعج وأربك حاملي كأس العالم، ولا يكفي أن نقول كان المُنتخب السعودي قد حقق الذهب والمستويات المشرفة في يوم ما، نريد أن نقول انظروا إلى مُنتخب المملكة العربية السعودية وهو يعود وقادم بقوة إلى التنافس، ويتنفس الوفاء والانتماء، وينثر الإبداع في سماء البطولات، ويعود عملاقاً يحمل الذهب إن شاء الله. والشيء بالشيء يذكر أن هناك سنوات ذهبية لمنتخبنا السعودي لكرة القدم الذي كان يسجل حضوراً رائعاً في آسيا، وصوله كأس العالم أربع مرات، وحصوله على كأس آسيا ثلاث مرات، ورفع منتخب الاحتياجات الخاصة لكأس العالم مرتين مُتتاليتين، وكأس العالم للشباب، وألعاب القوى لها بصمة وحضور مميز ضمن كبار الرباعين والعدائين في آسيا، إلى ما هنالك من بطولات كثيرة يضيق المجال في حصرها، أنا لا أقول أن نعيش على الأطلال وعلى الماضي، يجب البذل والجُهد للحاق بالركب، وأن نحفر اسم الصقور الخُضر في خارطة الكبار.. نعم هؤلاء الأبطال لن يخيبوا الظن، وسوف يرفعون الراية الخضراء خفاقة، مُحققين إن شاء الله أغلى البطولات، كما نحن نخطط ونضع الخطط والاستراتيجيات، الدول الأخرى تسلك نفس النهج بُغية تحقيق البطولات لدولها، وهذا حق مشروع، وعلينا أن نبذل ما بوسعنا لمنافسة الآخرين. إن ما تطرقت إليه ليس تبريراً للإخفاقات التي حصلت لمنتخب بلادنا لكرة القدم في السنوات العشر الأخيرة، ولكن علينا أن نكون مُنصفين ولا نقسو في طرحنا، لا أن نقيم الدنيا ولا نقعدها، وأن نكون عقلانيين وواقعيين ولنتقِ الله فيما يُطرح، وهذه الأمانة أمانة القلم التي بين أيدينا سوف نُسأل عنها يوم الدين، وأن لا نتبع الأهواء، بعيدين عن التعصب والميول، هدفنا جميعاً رفعة ورقي رياضتنا السعودية؛ لأننا من تراب ورحِم هذا الوطن المعطاء. العمل قائم على قدم وساق في تلاشي الأخطاء وتعديل المسار وإبداء الحلول والرأي السديد والرأي والرأي الآخر والنقد الذي يبني ولا يهدم من ورائه الإصلاح، بعيداً عن التجريح والتشنجات وكَيْل الكلمات غير اللائقة، كما أسلفت فإن أباطرة الكرة ومن وضعوا أبجديات كرة القدم مثل إسبانيا حققت كأس العالم قبل الماضية وكأس أمم أوروبا، إنجلترا الاسم الكبير في عالم الكرة وأنديتها العريقة، إيطاليا حققت كأس العالم أربع مرات، ومنتخبات أخرى أخفقت وخرجت من الأدوار الأولى، هذا حال الكرة يُلازم بعض المنتخبات سوء الطالع وعدم التوفيق لظروف مُعينة، لقد واجهوا سيلاً من النقد وعدم الرضا لما حصل من إخفاقات لمنتخباتهم لكن لم يصل إلى حد التجريح بل واجهوا الصدمة بعقلانية وروية ومُعالجة الأخطاء وإعادة ترتيب الأوراق. كل إعلامي وناقد رياضي على عاتقه مسؤولية في الإسهام بالنهوض بالرياضة السعودية؛ لأن الإعلام شريك استراتيجي في عملية البناء، ويفترض أن يُبدي الرؤى والتصورات بصدق وأمانة لِدفع عجلة الرياضة إلى آفاق أرحب والمضي قُدماً بكل رياضتنا للمكانة اللائقة بأسياد آسيا، وبإذن الله تتحقق الآمال والطموحات، ونعود إن شاء الله أبطالاً، ويتحقق الهدف المرجو للوصول للمرة الخامسة إلى كأس العالم القادمة والظفر بكأس أمم آسيا القادمة، وتحقيق البطولات الخليجية والألعاب المختلفة الخليجية والآسيوية والعالمية. المُنتخب السعودي نعم أخفق وتراجع ولكن كان من أسباب تراجعه التخبطات الإدارية، الفنية، كثرة الضغوط الإعلامية عليه وإحباطه مما انعكس على اللاعبين؛ حيث إن بعض هؤلاء اللاعبين هبط مستواهم وعليهم العودة إلى ما كانوا عليه وإلا ليس لهم مكان بين المجدين والمخلصين، وما نلاحظه انضمام كثير من صغار السن وهذا أمر يُبشر بأمر حسن ومُستقبل واعد إن شاء الله، يفترض أن لا يرتدي شعار الأخضر سوى من هو جدير بحمله؛ لأنه شرف كبير وأمنية لكل رياضي أن يحظى بتمثيل وطنه في المناسبات الرياضية، ما يبعث في النفس الأمل، وقد بدأت زخات المطر تزداد، وهناك خطة محكمة لري هذه الروح الشبابية الجديدة بدعمها إعلامياً ورياضياً وعلى رأسها المكرمة الملكية التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رعاه الله- بتشييد أحد عشر صرحاً رياضياً في مُختلف مناطق المملكة، إنها بحق لاقت صدىً إيجابياً وفرحة كبيرة عارمة لدى الأوساط الرياضية، وسوف تزيد من الحضور الجماهيري ترفع من مستوى أداء اللاعبين يضاف إلى ما هو موجود من منشآت رياضية، وذلك لتنمية روح الشباب والعطاء للعودة إلى مِضمار المنافسات ولكن يبقى المنتخب السعودي الذي يمثل هذه المملكة الفتية صاحب صولات وجولات ورمزاً للعطاء ويحتاج إلى دعم المُخلصين الأوفياء وأصحاب الأقلام التي تبني ولا تهدم وتحفز ولا تُحبط، وعلينا جميعاً أن نقف خَلف هذا المُنتخب الذي يمرض ولكن لا يموت إن شاء الله، ومن حقنا أن نتطور ونتقدم كما وصل الآخرون، وإننا أصحاب كلمة وحضور في جميع المحافل والمناسبات الرياضية والحمد لله، ولا ينقصنا شيء سوى العزيمة والإخلاص.