كل عام وكل أحبابنا وأهلنا بخير وبحب وسلام. المحبة الصادقة تعمر القلوب تجعلها صافية معطاءة، تهجر الضغينة وتلغي الفجوة بين الأفراد، كل عام وقلوبنا أجمل وأرواحنا أصدق. انتهى شهر رمضان شهر الرحمة والنور، الذي تكاتفت به الأفراد روحا وحبا وشوقا وتواصلت بالمشاعر الإنسانية العميقة فيما بينها، وكثرت فيه العبادات والصدقات والتهليلات والرسائل الإيمانية. لكن هل سيختلف الأفراد في باقي شهور السنة في سلوكياتهم وطبائعهم وتصرفاتهم؟ السلام والمحبة والعطاء هي بذرة الإنسان الخيرة، متى ما وجدت كان لها مفعول القوي والسحري على النفس والآخرين، الحب لا يزرع غير الحب، العطاء لا يأتي إلا بعطاء، وهذا مع الأسف ما ينساه بعض الأفراد، أو يتجاهلونه. إن صفاء النفوس وصدق القلوب والتعامل المحب والمعطاء، لابد أن يكون سلوكا معنا طوال العمر مع من نحب من المقربين ومع الآخرين أيضا. لابد أن تكون تصرفاتنا وسلوكياتنا الإنسانية مفعمة بالتكافل والتعاون والتواصل والمحبة والسؤال دائما، مما ينعكس علينا بحياة سعيدة ورغيدة. *** الشعور بالحب شيء جميل، بأن تحب الآخرين دون مقابل ودون شروط مسبقة، يجعل الآخرين يشعرون بقربك وودك، فيعكس تصرفاتهم معنا. المحبة أن تعطي الكلمة الجميلة ذات المفعول السحري، فهي تقرب البعيد وهي تمسح العتب وتطفئ الغضب، نعم الكلمة البسيطة عندما تكون نابعة من القلب حتما تصل وبقوة للآخر، المحبة تجعل تصرفاتنا لينة هادئة لا تثور بسرعة ولا تحكم ظلما ولا تتفوه كبرا، المحبة تذيب فينا القصور والجفاء، وتزيد فينا الوصل والوفاء. *** كل واحد فينا قد اختبر هذا الشعور وعرف هذا الإحساس، كنهر عذب جار خال من الشوائب، يجعلنا نستوعب أن محبة أهلنا وأصدقائنا وأبنائنا هي أجمل ما في الكون، فما فائدة التواصل والزيارات إذا كانت خالية من هذا الحب، ستكون جامدة خالية من معنى التواصل الحقيقي، عندما يكون تواصلنا مع كل من حولنا بحب تزداد مشاعر الرضا والشوق والود، نشعر برضا ذاتي ونشعر برضا الأحباب. محبة الأهل والعائلة ليست إجبارا أو طقوسا نمارسها فقط لكي نؤدي الواجب، بل هي تعيد وتحيي كل تلك المشاعر المحبة والدفينة في أعماق كل منا، وتعوض القصور وتحيي القلوب من جديد. كما أن المحبة ليست مقصورة على المقربين بل تمتد لكل الأفراد البعيدين عنا بصلة، وإن صح التعبير لا يوجد غريب عن الآخر، تجمعنا أرض واحدة وسماء واحدة ونفس بشرية متشابهة في الصفات والأفعال والسلوكيات، فلا يوجد غريب بيننا، شعورنا ذلك يصل لكل من نقابلهم في الأماكن العامة، أو الأسواق، أو في منزل أحد الأصدقاء، نظهر محبتنا لهم، يترجمها حسن الذوق وحسن التصرف معهم ولباقة في الحديث المتواضع معهم أيضا. *** نشعر بكل تلك المشاعر المحبة متى ما غمرنا أنفسنا بالسلام الداخلي وحسن الظن وتبرير أخطاء الآخر، وتقديم الخير والفعل الحسن قبل الغضب والعتب والهجر، ومارسنا التوازن الروحي والاجتماعي، هنا سيكون التواصل مليئاً بالحس الإنساني والجمال الروحي سواء كان بكلمة، أو ابتسامة، أو مقابلة، أو معاملة، ستكون مشاعرنا فياضة بمعنى الحب الإنساني والتواصل الإيجابي الحقيقي. كل عام وأنتم الحب.