وانتهت القصة.. بل انقضت الحكاية.. كنتُ أظنها طويلة ولن تنقضي، لكنها جاءت ومرت مروراً كلمح البصر، بل وكأنها زارتني كحلمٍ أثناء نومي واستيقظت من نومي ففارقتني، يا لها من غرابة، ويا عجباً لهذه الحياة. بالفعل انتهت؛ فلك الحمد ربي على ذلك، ولك الشكر الجزيل على تيسير ذلك. ها أنا الآن متخرجٌ من وسط المعمعة، وها أنا الآن أطرق باب الاستقرار لعله يفتح لي حياةً جديدة مختلفةً عن تلك الحياة السابقة. زمنٌ طويل لأطرق هذا الباب، وحياةٌ شاقة لكي أصل للدخول من ذاك الباب، رحلةٌ طويلة وشاقة ما بين جهودٍ وأتعاب، فتارةً جهد أجساد وتارةً تفكير ألباب، حواجزٌ وصعوبات وصعودٌ وانحدارات وطرقٌ وانحناءات، كلها مجتمعة من شروط النجاحات، هذه هي الحياة صعبةٌ ويسيرةٌ حالات. ثلاثة عقودٍ إلا سنتين طويلة بعيدة أجول فيها منذ طفولتي فلم أعلم ما هو مستقبلي، وجيلاً بعد جيل فلم أتوقع من أكون، وعمراً بعد عمر فإذا أنا قد قربت من الوصول، وصلت.. نعم وصلت. جهزت وهيأت، مشيت وركضت، أبطأت وأسرعت، فإذا أنا أمام أمرٍ حتمي!! هي ليلة.. يسبقها سنوات طويلة من الإعداد والتنسيق. فصَرَخَت بوجهي الأيام قائلةً إنها قادمة!! جاءت تلك الليلة، فلم أدرِ أهي أبطأت أم كانت مستعجلة؟ جاءني رسولها فتيقنت أنها آتية، عندها بدأ عدٌ تنازلي وثّقته بكتابةٍ تشرح تفاعلي. ليلةً بعد ليلة وكل ليلة تشبه أختها إلا تلك الليلة؛ فلقد رأيتها وهي تلوح بيدها لي قائلةً: استعد.. ها أنا حاضرة، فوثبتُ لها، فمرّت كغيمة، ودخلْتُ أنا في مثل الدوامة، فهبّتْني رياحها بكثرةِ وفودها، وسمعتُ رعودها بأصوات حناجر مرحبةً ومسهلة، فأمطرت وأغرقتني حرجاً لكثرة احتفائها بي، واستأذنت مني وذهبت مخلفةً وراءها باب حياةٍ أخرى بمفتاحٍ ذهبي، وقتها استفقت من تلك الدوامة مستقبلاً ذاك الباب ويدي تطرق بثلاث طرقات استئذاناً للدخول عبر ذلك الباب. أسأل الله أن يكتب لي حياةً جميلة وسعيدة، وأسأله سبحانه أن تكون تلك الحياة خالصةً لوجهه الكريم وفيما يرضيه سبحانه.