دعا أحد مؤسسي حركة أبناء البلد الفلسطينية ناصر سمارة الحكومات العربية إلى إعادة النظر في قرارات منع عرب 48 من دخول الاراضي العربية، وانتقد سماح هذه الدول لأعضاء من الكنيست الإسرائيلي بالمشاركة في فعاليات على أراضيها دون السماح لعرب الداخل بذلك. وأكد ناصر سمارة، فى حوارٍ مع “الشرق”، دعم عرب 48 للثورات العربية شريطةً أن تكون بعيدة عن التدخلات الأجنبية والناتو، كما أشار إلى أن أبرز مظاهر التمييز من قِبَل الاحتلال الإسرائيلي ضد عرب الداخل يتمثل في تحويل مساجد وكنائس إلى حظائر وبارات، وتسمية شوارع المدن المختلطة بأسماء قادة صهاينة وانتهاك مقابر العرب. وإلى نص الحوار: * - منذ العام 1948 وأنتم تحت الاحتلال الإسرائيلي ما هي أوجه التغيير التي طرأت على عرب الداخل؟ - لم يتغير الواقع الفلسطيني في الداخل كثيراً، فيما يتعلق بالمواقف والانتماء، وفيما يتعلق بالانتماء العام والرؤية السياسية، فهناك تيارات سياسية ثابتة منذ عام 1948 تنتمي في معظمها لليسار بشكل عام وإلى الحركات الدينية. * - في السنوات الأخيرة ازدادت قوة الحركات الدينية، ما مدى انطباق هذا الأمر على عرب الداخل وبين صفوفكم؟ - هناك توازن في التوجه الديني ويجدر القول إن هناك توجهاً كبيراً نحو الصلاة وأداء العبادات ولكن ليس توجهاً نحو الحركات الدينية، ومن الطبيعي أن يكون هناك مصلين لكن ليس بالضرورة أن ينتموا لحركات دينية أصولية. * - كيف يمكن فهم تأثير حركة أبناء البلد على الشارع العربي في الداخل وأنتم ترفضون المشاركة في الحياة السياسية كباقي الأحزاب العربية؟ - أنا شخصياً أرى في الشارع الفلسطيني في الداخل تأثيرات كبيرة لأطروحات أبناء البلد في الكثير من المناسبات الشعبية كيوم الأرض الذي يصادف في الثلاثين من آذار كل عام، وأبرر ذلك بعدم خوض حركة أبناء البلد في الحياة السياسية الإسرائيلية، وعدم الانخراط في المجتمع الإسرائيلي السياسي، وكما هو معروف أبناء البلد يدعون لمقاطعة جميع أشكال الانخراط في قوى الأمن ألإسرائيلي وتحت أي مبرر. * - ماهي نظرتكم للأحزاب الأخرى المشاركة في الكنيست الإسرائيلي؟ - منذ عام 1948 كانت هناك حركة الأرض والجبهة، وكان هناك المقربون للسلطة مثل “العربية للتغيير”، كانت في الأساس مقربة من حزب العمل الإسرائيلي الذي كان يعرف سابقاً بحزب المعراج، ونظراً للتطور في حركات القوميين العرب في مطلع السبعينيات تم الاتجاه نحو السلام والمساواة وبالتالي العربية للتغيير. * - لماذا فشل الفلسطينيون في إقامة أو تأسيس حركة وطنية موحدة وجامعة؟ - أبناء البلد تنادي بإقامة تجمع وطني قومي عربي في الداخل، بل بالأحرى لدينا اقتراح لإقامة برلمان عربي يضم جميع القوى العربية السياسية. * - أين تقعون على الخارطة الحزبية وبين الأحزاب؟ - نحن نشارك في جميع المؤسسات القُطرِية العربية كاللجنة القطرية للدفاع عن الأراضي وفي لجنة المتابعة العربية التي تمثل عملياً جميع الفئات الفاعلة في الساحة الفلسطينية. * - ما الذي دفعكم لعدم الانخراط في المجتمع الإسرائيلي شأن باقي التيارات السياسية الأخرى؟ - أول شيء الانتماء ونحن لا نرى أن الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي صراعاً مدنياً إنما هو صراع على حق الوجود القومي وليس صراعاً مدنياً أو حول حقوق الأقليات. * - بماذا تنادي حركة أبناء البلد ؟ - نرى أن الحل الواقعي والطبيعي هو إقامة دولة علمانية على كامل التراب الوطني الفلسطيني. * - هل حركتكم محظورة من السلطة الإسرائيلية؟ - قادة أبناء البلد قضوا سنوات في السجون الإسرائيلية وتتم ملاحقتهم حتى اليوم وتشن إسرائيل ضدهم اعتقالات مخصصة وتفرض عليهم أحكاماً عالية، فالحركة ليست محظورة ولم يصدر قرار بحظرها إنما هي ملاحقة سواء بقادتها أو عناصرها، غير أنه كانت هناك محاولة لتأسيس حركة سياسية قُطرِية إلا أن إسرائيل اعتبرتها مخالفة للقانون الإسرائيلي وأصدرت قراراً بحظرها. * - ما هي أشكال العنصرية التي يعانيها فلسطينيو الداخل؟ - نحن نحارب العنصرية بكافة ألوانها، واليوم نلمس العنصرية في التعامل اليومي للجيل الجديد، ونلمسها في تعامل الاحتلال الإسرائيلي مع البلدات العربية والميزانيات التي تقرها للمجالس المحلية العربية وفي التعامل مع أسماء الشوارع في المدن المختلطة التي تضم يهوديين وعرباً، والتي أصبحت تحمل أسماء قادة صهاينة ونلمس العنصرية في طريقة تعاملهم مع المقابر الإسلامية والمسيحية ونلمس العنصرية ونعيشها فيما يتعلق بالقرى المهجّرة، وأخطر مظهر هو التعامل مع المقابر الإسلامية والمسيحية حيث الانتهاك للمساجد والكنائس وتحويلها إلى حظائر للماشية على غرار مسجد “صفد” الذي حولوه إلى بار ونادي ليلي بعد أن استولوا عليه فأكثر من هذه الغطرسة والعنصرية لا يوجد، وأنا أسال ماذا لو داست قدم عربي مقبرة يهودية ماذا سيكون ردهم. * - هل أثر الاحتلال على النسيج الاجتماعي، وكيف توصف لنا العلاقات الاجتماعية السائدة؟ - العلاقات الاجتماعية مثل كافة العلاقات في الدول العربية لكن هناك ترسبات على مستوى الطائفة والقبيلة وهذه موجودة في كافة أمكان تواجد العرب ولا تميز واقعنا الفلسطيني فقط، فأنا أرى أن العلاقات طبيعية بين جميع أبناء شعبنا خاصة في مواجهة المحن المشتركة، واليوم تشهد مناطق الداخل الفلسطيني معارضة واسعة للتجنيد الإجباري في الوسط الوطني عامة وعند إخواننا المعروفين “الدروز” بشكل خاص وبرأيي يجب العمل على التواصل الكامل بين جميع فئات شعبنا على كافة الأصعدة سواء على المستوى الطائفي أو على المستوى العام في الداخل والخارج. * - وهل هذا ما دفعكم لتأسيس جمعية ثقافية؟ - افتتحنا الجمعية لعدة أهداف،على رأسها العمل على التواصل بين جميع أبناء شعبنا من خلال الأنشطة الثقافية، ونصدر مجلة فصلية يكتب فيها نخبة وخيرة الشعراء والأدباء الفلسطينيين في الداخل، ممن يرفضون الكتابة في المجلات والصحف المقربة من الاحتلال أو ممولة منه، ونحن نعمل على ربط تواصل شعبنا وتعميق الانتماء الفلسطيني من خلال الأدب والثقافة الوطنية، وإذا كانت هناك فئة من شعبنا تنسلخ عن الثوابت الوطنية يجب التعامل معها ومحاولة وتكرار محاولة إعادتها إلى الثوابت، فلا يجوز ولا يحق لأي فئة أو مجموعة سياسية أن تدعو لحرمان هذه المجموعة أو أفرادها من الانتماء لشعبنا بأي حجة كانت. * - أنتم ضد التعامل مع المؤسسات المرتبطة بعلاقات مع الاحتلال وتدعون للمقاطعة، فكيف تنظرون للسلطة الفلسطينية التي أبرمت اتفاقات مع الاحتلال؟ - أنا أقول رأيي منذ أوسلو، كان موقف أبناء البلد ضد اتفاق أوسلو، نحن نتفهم متطلبات المواقف البراغماتية لمؤسساتنا الوطنية، ولدينا قناعة بأن أي اتفاق كان في الماضي وسيأتي في المستقبل على نفس السياق سيفشل في تأمين الحلول الموضوعية والواقعية لقضيتنا. * - ألا توافقني بأن الإعلام الحزبي يفسخ النسيج الوطني في الداخل؟ - قضية الإعلام الحزبي أترث على وعي المواطن في الداخل مع أنه الأحزاب تنشر عبر صحفها ما يتناسب مع أدبياتها، ولكن ليس مقبولا أن لا تنشر لأدباء أو شعراء أو سياسيين تتناقض معتقداتهم وأفكارهم مع سياستها وهذا بالتأكيد يضر بالنسيج الوطني واللحمة الوطنية، ونحن في جمعية ميس ننشر لجميع الكتاب الذين يعبرون عن انتمائهم الوطني. * - انتم مرفوضون في العالم العربي وغير مسموح لكم بزيارة الدول العربية ماذا تقول في هذا الشأن؟ - سأبدأ من الآخر فعندما تحدثنا عن اتفاق أوسلو كان ضمن هذه الاتفاقات استثناء وتجاهل لعرب 48 وخاصة لمهجري الداخل، تخيل هذا جزء من شعبي يعاملني كغريب فكيف يمكن إن يعاملني أخي العربي في باقي الأقطار العربية ، حقيقة هذا هو الواقع على المستوى يستفزني ويجب على جميع القوى في العالم العربي أن تعمل على تغيير هذه الوجهة، وحقيقة تعاني الحركة القومية العربية في تراجع مستمر مما يفرض علينا جميعا أن نتعامل مع هذه الأمور بموضوعية إذا كان هدفنا فعلا أن نحقق نتائج إيجابية على صعيد استرداد ما يستحق عرب الداخل من تعامل قومي عربي على جميع الأصعدة وفي جميع الأقطار. * - ولكن هناك أعضاء كنيست يهود ورياضيين يشاركون في فعاليات تجري في الدول التي لا تستقبلكم ؟ - حقيقة نشعر باستفزاز وإهانة عندما نرى أعضاء كنيست يهود يشاركون في مؤتمرات وفعاليات في بعض الدول العربية، في الوقت الذي ترفض هذه الدول استقبال عرب الداخل الفلسطيني، ويجب أن أنوِّه لمسالة أن معظم المجتمع اليهودي في إسرائيل يحمل جواز سفر آخر يعطيه الحق للتنقل في هذه الدول ولكن ما يتعلق بنا مختلف وهذا التناقض لا أستطيع فهمه ولا أقبل أي تفسير له ولا أعذر أي قطر عربي يمنعني من دخول أراضيه. * - يطلق عليكم تارة عرب إسرائيل وتارة أخرى عرب الداخل وتارة ثالثة عرب 48 وغيرها كيف تتعايشون مع هذه المسميات؟ - كل اسم يربط عرب الداخل بالوجود الإسرائيلي يستفزني ومكروه بالنسبة لنا في أبناء البلد فنحن لسنا عرب إسرائيل ولسنا عربا إسرائيليين إنما نحن جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني، ولا يمكن سلخنا من هويتنا الوطنية ومن ثقافتنا الفلسطينية ومن تراثنا العربي ومن مستقبلنا. * - ما موقفكم في حركة أبناء البلد من الثورات العربية؟ - في العالم العربي هناك أمور متناقضة، ولكن مع كل ما يحدث نحن مع التغيير في الواقع العربي العام، ولكننا ضد كل ما هو مرتبط بالغرب أو ما يسمى بثورات الناتو، وإذا كان ما يحدث في العالم العربي ثورات شعبية فنحن مع أي تحرك شعبي ولكن نرفض كل تدخل أجنبي وبالذات من الناتو، وهنا يتوجب على الأنظمة العربية الرسمية تغيير توجهاتها وأن تعمل على “دمقرطة” الشارع العربي.