ما إن تضع الأم طفلها -الذي انتظرته بفارغ الصبر حباً وابتهاجاً وسروراً بمقدمه، وأنفقت وقتها في شراء ملابسه الجميلة وسريره الصغير وجميع مستلزماته التي اختارتها بعناية فائقة- حتى تتفاجأ بكراهيتها له، وعدم تقبلها لاحتضانه، بشكل لم تكن تتوقعه إطلاقاً، في الوقت الذي تشعر فيه بالحيرة من أمرها، دون أن تعلم أن شعورها هذا تجاه طفلها إنما يعود إلى الهبوط السريع في مستويات هرمون (Progesterone) و(Estrogen)، وهو الأمر الذي أزال حيرة علماء النفس في تفسير هذه الظاهرة التي لا تتفق وفطرة الأمومة التي أودعها الله تعالى في الأمهات. هذه المشاعر النفسية تسمى (اكتئاب ما بعد الولادة)، وهي -بحمد الله- لا تبعث على القلق كبقية أنواع الاكتئاب؛ لأنها ما تلبث أن تزول، فتعود ينابيع الحب تتفجر في الأم تجاه وليدها تفجيراً. لكن ليست هذه هي المشكلة، المشكلة تكمن فيما يترتب على الطفل من عدم العناية به أثناء مرور أمه بهذا الاضطراب النفسي؛ ذلك أن بعض الأمهات يخجلن من الإفصاح للآخرين عن كراهيتهنّ لأطفالهنّ، وهذا خطأ، والصحيح أنه يجب عليهنّ إحاطة المقربين إليهنّ؛ لأن في ذلك علاجاً سريعاً لهنّ بمجرد تلقيهنّ الدعم النفسي ممن شكين أمرهنّ إليهم، فضلاً عن توفير الرعاية لأطفالهنّ من قِبل الآخرين؛ لذلك يكمن العلاج في التحدث عن المشكلة لا أكثر؛ فلتطمئن الأمهات اللائي يتعرضن لهذا النوع من الاكتئاب. ونقول لكل أم، ألف ألف مبروك المولود الجديد.