بعد تأهله إلى ربع نهائي المونديال، يعود منتخب فرنسا إلى صفوف كبار كرة القدم، واعداً بمواجهة رائعة مع خصمه التاريخي ألمانيا الجمعة المقبل على استاد ماراكانا الأسطوري في ريو دي جانيرو. وكانت فرنسا انتزعت بطاقة التأهل إلى ربع النهائي على حساب نيجيريا 2-0، معلنة ولادة جديدة لمنتخب وصل إلى الحضيض، بعد أربعة أعوام على فضيحة كنيسنا في جنوب إفريقيا عندما أضرب اللاعبون وامتنعوا عن التدريب. وكان الاتحاد الفرنسي حدد الوصول إلى ربع النهائي هدفاً لديدييه ديشان ولاعبيه، وهذا ما أنجز على أكمل وجه وبأروع الأساليب. فمن خلال كم كبير من الأهداف وأداء استعراضي وعناصر شابة واعدة وأخيراً قيادة متمكنة للفريق مع ديشان، ها هم «الديوك» يصالحون الفرنسيين بتشكيلتهم. ولم يكن قائد أبطال العالم 1998 وأوروبا 2000 والمهندس الأساسي لهذا التغيير مخطئاً عندما عبَّر عن فرحته مع إطلاق صافرة النهاية في مباراة نيجيريا، مؤكداً بشكل خاص «فخره» بتحقيق أول أهداف منتخب الزرق. وكانت آخر مرة وصلت فرنسا إلى ربع نهائي كأس العالم في مونديال 2006 بقيادة زين الدين زيدان، والوصول إلى هذه المرحلة اليوم يشكل أمراً إيجابياً بعد سنوات من الخيبة. ويبدو كل شيء ممكناً بالنسبة إلى فرنسا اليوم عشية مواجهة تاريخية الجمعة مع ألمانيا؛ فبعد فشلين مدويين في كأس الأمم الأوروبية 2008 ومونديال 2010، وصل «الديوك» إلى ربع نهائي كأس الأمم الأوروبية 2012، وما من أحد كان يتوقع أن يحققوا إنجازاً أمام إسبانيا بطلة العالم وقتذاك التي فازت 2-0 في طريقها إلى لقبها الأوروبي. غير أن المعطيات تغيرت جذرياً اليوم، فالفريق الذي تقوده طاقة جماعية هائلة لديه كل ما يلزم لطرد أشباح إشبيلية، حيث دخل نصف نهائي مونديال 1982 في السجلات الكروية الخالدة «فازت ألمانيا على فرنسا بضربات الترجيح 5-4 بعد تعادل في الوقتين الأصلي والإضافي 3-3». ولم تواجه فرنسا منتخب «ناسيونال مانشافت» في المراحل النهائية منذ نصف نهائي كأس العالم 1986 في المكسيك، حيث فشل ميشال بلاتيني ورفاقه في تحقيق الثأر بعدما انتهت المباراة لصالح ألمانيا 2-0. وأمام فرنسا اليوم فرصة فريدة لتحقيق الإنجاز، خصوصاً بعد معاناة المنتخب الألماني أمام الجزائر «فازت ألمانيا 2-1 في الوقت الإضافي»، التي سيستغلها ديشان دون شك للاستفادة تكتيكياً من عيوب خصمه الكبير. وفي الوقت عينه، سيخوض المنتخب الفرنسي الشاب ربع النهائي بمعنويات عالية وبعناصر شابة سرعان ما أثبتت فاعليتها ضمن الفريق الأول، وخصوصاً بول بوغبا (21 عاماً) ورافايل فاران (21 عاماً)، اللذين باتا من رموز الجيل الجديد للديوك، قبل كأس الأمم الأوروبية المقبلة التي ستحتضنها فرنسا في العام 2016. وباتت كل الآمال متاحة اليوم، مع عناصر الخبرة الموجودة أيضاً في المنتخب، ولعل الغائب الأكبر هو نجم بايرن ميونيخ فرانك ريبيري الذي دون أدنى شك كان يحلم بمواجهة زملائه الألمان في مونديال البرازيل.