تدق ساعة الحقيقة أمام الأرجنتين ونجمها الكبير ليونيل ميسي عندما تبدأ في تمام الساعة الواحدة من صباح غد الإثنين مسعاها لإحراز اللقب العالمي للمرة الأولى منذ 1986، وذلك بمواجهة منتخب بوسني طامح على ملعب ماراكانا في ريو دي جانيرو ضمن الجولة الأولى من منافسات المجموعة السادسة لمونديال 2014. وستشكل مباراة البوسنة اختباراً جدياً لقدرة الأرجنتين على الارتقاء إلى مستوى الطموحات والتحدي، حتى وإن كانت منافستها تخوض غمار العرس الكروي العالمي للمرة الأولى في تاريخها. تبدو الأرجنتين جاهزة لتحقيق ما عجزت عنه في ربع القرن الأخير معتمدة على ميسي ومدربها الرصين اليخاندرو سابيلا ومجموعة من اللاعبين بغية تحقيق لقبها الثالث. ودائماً ما كانت الأرجنتين مرشحة للفوز باللقب العالمي لكن «عدادها» توقف عند تتويجين في 1978 مع ماريو كامبس و1986 مع دييجو مارادونا الذي كاد أن يقودها إلى لقب ثالث عام 1990 لكن المنتخب الألماني حرمها من ذلك بالفوز عليها في النهائي. وهنا يأتي دور ميسي الساعي إلى الانضمام لهذين الأسطورتين لكنه عجز عن ذلك حتى الآن بعد أن توقف مشوار «لا البيسيليستي» عند الدور ربع النهائي عامي 2006 و2010 وفي المرتين أمام ألمانيا بركلات الترجيح (1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي) وبرباعية نظيفة على التوالي. وسيكون الاختبار الأول لميسي ورفاقه في المنتخب بمواجهة منتخب بوسني نجح أخيراً في التخلص من عقدة الملاحق والمنتخب البرتغالي الذي حرمه من التأهل إلى مونديال 2010 وكأس أوروبا 2012، وبلغ نهائيات العرس الكروي العالمي للمرة الأولى في تاريخه بتصدره المجموعة الأوروبية السابعة أمام اليونان بفارق الأهداف بعد أن حصد 25 نقطة من 8 انتصارات وتعادل مقابل هزيمة واحدة وسجل 30 هدفاً مقابل 6 فقط في شباكه. أما بالنسبة لرحلة الأرجنتين في التصفيات، فكانت مميزة أيضاً إذ تصدرت مجموعة أمريكا الجنوبية وسجلت 35 هدفاً في 16 مباراة، موجهة رسالة تحذيرية قوية إلى منافسيها. ولا تبدو طريق الأرجنتين التي خرجت فائزة من مواجهتيها الوديتين أمام البوسنة عامي 1998 (5-صفر) و2013 (2-صفر)، إلى الدور الثاني صعبة جداً في ظل وجود نيجيريا بطلة إفريقيا وإيران اللتين تلتقيان غداً الإثنين، وبحال عدم حصول مفاجآت، يتوقع أن تواجه الإكوادور أو سويسرا في الدور الثاني، البرتغال أو بلجيكا في ربع النهائي، إسبانيا أو إيطاليا في نصف النهائي. وتعول البوسنة على لاعبين آخرين مميزين إلى جانب مهاجم مانشستر سيتي الإنجليزي إدين دجيكو، مثل وداد ايبيسيفيتش مهاجم شتوتغارت الألماني وميراليم بيانيتش لاعب وسط روما الإيطالي. فرنسا وهندوراس ويستهل المنتخب الفرنسي مشواره لمحو فضيحة مدينة نايسنا 2010 بمواجهة هندوراس اليوم ضمن منافسات المجموعة الخامسة. ويبدو لاعبو المنتخب الأزرق مصممين على تلميع الصورة بعد المشوار الكارثي في مونديال جنوب إفريقيا عندما فشلت في تحقيق ولو فوز واحد ودخل لاعبوها في إضراب عن التدريبات بسبب مشكلات بين اللاعبين والمدرب ريمون دومينيك ووسائل الإعلام. تعاقد الاتحاد الفرنسي مع نجميه السابقين المتوجين باللقب العالمي عام 1998 لوران بلان بعد المونديال وديدييه ديشان بعد كأس أوروبا 2012 ونجح الأخير إلى حد كبير في إعادة اللحمة والانسجام والقتالية والروح الوطنية، وظهر ذلك جلياً في مباريات التصفيات وتحديداً إياب الدور الفاصل أمام أوكرانيا. كما ظهر ذلك في المباريات الإعدادية للمونديال وآخرها أمام جامايكا الأحد الماضي عندما حققت فوزاً كاسحاً 8-0، وأظهر اللاعبون انسجاماً كبيراً من خلال الاحتفال بالأهداف مع لاعبي دكة البدلاء والجهازين الفني والطبي موجهين رسائل إلى الجماهير على أنهم أكثر تصميماً للظهور بوجه مشرف خاصة أولئك الذين كانوا سبباً في الفضيحة قبل 4 أعوام في مقدمتهم باتريس إيفرا. لكن فرنسا ستخوض العرس العالمي في غياب نجمها مهاجم بايرن ميونيخ الألماني فرانك ريبيري حيث تلقت ضربة موجعة قبل أيام قليلة من المونديال بانسحابه لعدم تعافيه من إصابة في أسفل الظهر، ما اعتبر خسارة كبيرة بالتأكيد بالنظر إلى القيمة الفنية والدور الكبير الذي لعبه في التصفيات. لكن ديشان يملك تشكيلة متوازنة بقيادة مهاجم ريال مدريد الإسباني كريم بنزيمة وإيفرا، وأغلب عناصرها من الشباب الذين يملكون فرصة التألق ولعب دور طلائعي في المونديال خاصة النجم الصاعد والواعد ليوفنتوس الإيطالي بول بوغبا ولاعب وسط باريس سان جرمان بليز ماتويدي وزميله في نادي العاصمة يوهان كاباي ومهاجم أرسنال الإنجليزي أوليفييه جيرو ومدافع النادي الملكي رافايل فاران. في المقابل، أبلت هندوراس البلاء الحسن في التصفيات وحجزت بطاقتها المباشرة خلف الولاياتالمتحدة وكوستاريكا وأمام المكسيك علماً بأنها تغلبت على الأخيرة على ملعب الأزتيك وباتت أول منتخب زائر يفوز على المكسيك في عقر دارها منذ عام 2001. ولم يأت تألق هندوراس من فراغ فهي تملك منتخباً شاباً قوياً وجّه إنذاراً شديد اللهجة إلى المنافسين قبل عامين في دورة الألعاب الأولمبية عندما بلغ الدور ربع النهائي. وتمني هندوراس النفس بنقل تألقها في الأولمبياد والتصفيات إلى النهائيات التي تخوضها للمرة الثالثة بعد عامي 1982 و2010 وترصد فوزها الأول في تاريخ العرس الكروي العالمي بتشكيلة تعتمد على مجموعة من المواهب الشابة. سويسرا والإكوادور وفي المجموعة الخامسة، تبحث كل من سويسرا والإكوادور عن تحقيق نتيجة طيبة ترفع من حظوظهما للتأهل إلى الدور الثاني بجانب فرنسا المرشحة الأبرز في المجموعة عندما تلتقيان اليوم في «استاديو ناسيونال» في برازيليا. ويأمل لاعبو سويسرا تقديم هدية وداع جميلة لمدربهم الألماني أوتمار هيتسفيلد بعد 6 سنوات أمضاها مع «لا ناتي». وفي مشاركاتها الثلاث على التوالي في كأس العالم والعاشرة بالمجمل، تحاول سويسرا إثبات أن وصولها إلى المركز السابع في التصنيف العالمي لم يكن مجرد صدفة. ستكون الفرصة متاحة لأبناء هيتسفيلد (65 عاماً) بتخطي الدور الأول بعد وقوعهم في مجموعة معقولة تضم فرنسا والإكوادور وهندوراس، وسيمحو تأهلهم إلى الدور الثاني ذكريات جنوب إفريقيا 2010 السيئة. كانت سويسرا الفريق الوحيد الذي أسقط إسبانيا البطلة (1-0)، لكنها فشلت بالتأهل بخسارتها أمام تشيلي (0-1) وتعادلها مع هندوراس سلباً. ينافس بلد ال 8 ملايين نسمة أكبر من حجمه، فتبرز في تشكيلته عدة أسماء محترفة في القارة الأوروبية خصوصاً في ألمانياوإيطاليا على غرار لاعب الوسط جيردان شاكيري (بايرن ميونيخ الألماني)، ليشتاينر، بليريم دزيمايلي وغوكهان إينلر (نابولي الإيطالي)، لكن إيرين ديرديوك دفع ثمن تراجع أدائه مع باير ليفركوزن الألماني فغاب عن التشكيلة. على الصعيد الكروي، عرف بلد مقر الاتحاد الدولي فترة ناجحة حيث لم يخسر في 16 مباراة وهزم البرازيل وألمانيا، لكنها انتهت في نوفمبر في كوريا الجنوبية. لم يكن مشوارها في التصفيات صعباً خصوصاً لوقوعها مع منتخبات من طراز ألبانيا، قبرص، إيسلندا، النروج وسلوفينيا، فلم تعرف طعم الخسارة. شاركت سويسرا في كأس العالم 9 مرات لفترات متقطعة، لكنها غابت عن الحدث نحو 30 سنة بين 1966 و1994. بلغت ثمن النهائي 3 مرات، وتعود آخر مشاركة لها في ربع النهائي إلى 1954 عندما استضافت النهائيات. أما الإكوادور فتبحث في مشاركتها الثالثة عن تخطي مشكلاتها الكروية المتمثلة بابتعاد بعض لاعبيها عن مستوياتهم وتكريم نجمها الراحل كريستيان بينيتيز. وتعول الإكوادور على جناحها الطائر، فالنسيا، المهاجم فيليبي كايسيدو الذي عانى من إصابة مؤخراً في ودية هولندا والجناح الآخر جيفرسون مونتيرو، بالإضافة إلى الخبير إيوفي لكن المخضرم سيجوندو كاستيلو لاعب الهلال السعودي حرمته الإصابة من المشاركة، فيما أصيب لاعب الوسط كريستيان نوبوا (دينامو موسكو الروسي) لإصابته في فخذه الأيمن. سجلت الإكوادور 20 هدفاً فقط في 16 مباراة ضمن تصفيات أمريكا الجنوبية وسويسرا 17 في 10 مباريات في تصفيات أوروبا، لذا لا يتوقع أن تشهد مواجهتهما أهدافاً كثيرة على ملعب ناسيونال في العاصمة البرازيلية.