دخلت جدة التاريخية قائمة التراث العالمي، بموافقة لجنة التراث العالمي على تسجيلها ضمن القائمة خلال اجتماع اللجنة التابع لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في دورتها ال38 المنعقدة في قطر. وأعلن رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، الأمير سلطان بن سلمان، اعتماد منطقة جدة التاريخية في قائمة التراث العالمي، أمس بعد موافقة اللجنة على تسجيلها. وبذلك تصبح جدة التاريخية ثالث موقع في المملكة يسجل في قائمة التراث العالمي، إذ كانت القائمة تضم موقعي مدائن صالح والدرعية. ورفع رئيس الهيئة، بهذه المناسبة شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد، على دعمهم ورعايتهم للجهود الرامية للحفاظ على التراث الوطني وتنميته ليبقى مصدراً للاعتزاز ومورداً ثقافياً واقتصادياً، مشيراً إلى أهمية هذا القرار في إبراز المكانة التاريخية للمملكة، وما تزخر به من تراث عريق ومكانة تاريخية. وقال إن تسجيل جدة التاريخية، ومن قبلها موقعا مدائن صالح والدرعية التاريخية، يمثل إقراراً عالمياً بأهمية المواقع الأثرية والتاريخية في المملكة ومكانتها العالمية. ويعود تاريخ مدينة جدة إلى عصور ما قبل الإسلام، ولكنها في بدايات العصر الإسلامي، شهدت نقطة تحول عندما اتخذها الخليفة الراشد عثمان بن عفان، رضي الله عنه، ميناءً لمكةالمكرمة في عام 26 ه/ 647م. ونظراً لقيمتها التاريخية والعمرانية، يضعها المتخصصون في مقدمة المدن، التي يتمثل فيها الطراز العمراني لحوض البحر الأحمر. وتضم منطقة جدة التاريخية، عدداً من المعالم والمباني الأثرية والتراثية المهمة، من أبرزها المساجد التاريخية ذات الطراز المعماري الفريد، مثل: مسجد عثمان بن عفان، مسجد الشافعي، مسجد الباشا، مسجد عكاش، مسجد المعمار، وجامع الحنفي، وسورها التاريخي، وحواريها القديمة (مثل: المظلوم، الشام، اليمن، البحر، والكرنتينة)، إضافة إلى أسواق شهيرة (العلوي، البدو، قابل والندى). ومن أهم البيوت الموجودة حتى الآن بيت آل نصيف وبيت آل جمجوم في حارة اليمن، ودار آل باعشن وآل قابل والمسجد الشافعي في حارة المظلوم، ودار آل باناجة وآل الزاهد في حارة الشام، وبلغ ارتفاع بعض هذه المباني إلى أكثر من ثلاثين متراً، كما ظلت بعضها لمتانتها وطريقة بنائها باقية بحالة جيدة بعد مرور عشرات السنين. وتحتل جدة التاريخية مكانة خاصة لدى ولاة الأمر، فقد نزل بها الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود في عام 1344ه/ 1925م، واتخذ من بيت نصيف سكناً له. وأطلق مشروع الملك عبدالعزيز لتنمية وتطوير جدة التاريخية عام 1425ه، وتم تشكيل إدارة لتتولى تنمية وتطوير جدة التاريخية، ثم تفعيل بلدية جدة التاريخية، وتكليف كادر متخصص بأعمالها عام 1431ه، لتتوالى بعد ذلك حزمة من المشاريع الضخمة من قبل الدولة والهيئة العامة للسياحة والآثار. وأشاد رئيس الهيئة بالجهود، التي بذلتها إمارة مكةالمكرمة ووزارة الخارجية ومحافظة جدة وأمانتها، والمسؤولون الذين عملوا مع الهيئة، وملاك المباني في منطقة جدة التاريخية وأهالي جدة، في الاهتمام بجدة التاريخية، وتنفيذ مشاريعها، ودعم ملف تسجيلها في قائمة التراث العالمي، منوهاً بالشراكة بين الهيئة واللجنة العليا لمشروع تنمية وتطوير جدة التاريخية من خلال مشروع متكامل لتطويرها بهدف تهيئتها كموقع تراث وطني. كما وجه شكره لمنظمة اليونسكو، وللمندوب الدائم للمملكة لدى اليونسكو الدكتور زياد الدريس على المتابعة، ولمندوبي الدول في لجنة التراث العالمي، ولفريق الهيئة. وبيَّن أن الهيئة، وبناءً على الموافقة السامية الكريمة، طبقت كامل الاشتراطات والأسس الفنية التي حددتها اليونسكو لاعتماد تسجيل جدة التاريخية ضمن قائمة التراث العالمي، وقال: إن المملكة، وهي تضيف موقعاً جديداً إلى قائمة التراث العالمي، تدرك أن العمق الحضاري الذي تتمتع به المملكة يمثل منطلقاً رئيساً وشاهداً قوياً على دور المملكة في التواصل الإنساني، وهو الدور الممتد عبر العصور لسكان هذه المنطقة الجغرافية المحورية، مبيناً أن هذا التسجيل يمثل جزءاً من مبادرة متكاملة ضمن مشروع الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري، الذي اعتمده مجلس الوزراء مؤخراً ويشمل منظومة من البرامج والمشاريع لتطوير مواقع التراث الوطني وتأهيله وفتحه للمواطنين. قال أمير منطقة مكةالمكرمة، الأمير مشعل بن عبدالله، «إن تسجيل محافظة جدة على لائحة التراث العالمي، الذي تُشرف عليه منظمة اليونسكو، يؤكد الأهمية التاريخية التي تحظى بها جدة منذ القدم، وما تتميز به من طابع عمراني عريق جعلها ضمن قائمة التراث العالمي»، مضيفاً أن «هذا التسجيل يجعلنا أكثر فخراً واعتزازاً بتراثنا الأصيل». وأوضح أن من عوامل هذا التسجيل العالمي المهم لمحافظة جدة هو ما تتميز به من معالم أثرية وطنية قديمة ومساجد قديمة اهتمت بها الدولة من حيث الترميم كالمسجد الجامع ومسجد المعمار، وبيت نصيف لأهمية هذا البيت التاريخي المهم، إضافة إلى عديد من المباني التاريخية المصنَّفة والبوابات القديمة ومسار الحج، مبيناً أن هناك مشاريع قائمة لحماية جدة التاريخية والحفاظ عليها وترميم مبانيها من قبل الدولة، حيث تتميز المباني بالطراز العمراني الذي يعبر عن تراث البحر الأحمر من الرواشين والواجهات الجميلة والتوزيع الداخلي الذي يناسب حياة أهل جدة قديماً. ودعا أمير منطقة مكةالمكرمة إلى المحافظة على الآثار والتراث، وإلى كل ما يعلي شأن الوطن في جميع المحافل والمناسبات. عد محافظ جدة، عضو اللجنة العليا لتطوير جدة التاريخية، رئيس اللجنة التنفيذية، رئيس المجلس المحلى للتنمية في محافظة جدة، الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز، قرار اعتماد جدة التاريخية في قائمة التراث العالمي، إنجازاً وطنياً رائداً يتوج سنوات من العمل الجاد والشراكة البناءة من مختلف الجهات الحكومية لحماية هذا الموقع التاريخي البارز والاهتمام به. وأوضح أن هذا الإنجاز هو ثمرة عمل طويل وجاد تبنته الهيئة العامة للسياحة والآثار بالشراكة مع المحافظة والأمانة إثر صدور قرار مجلس الوزراء الموقر بالموافقة على تسجيل ثلاث مواقع سعودية في قائمة التراث العالمي، بناء على ما رفعه رئيس الهيئة، وتكليف الهيئة باستكمال الملف ومتابعة التسجيل. وقال «إن تسجيل جدة التاريخية في قائمة التراث العالمي يترتب عليه بذل مزيد من الجهود لحماية الموقع والمحافظة عليه، وتهيئته وتأهيله وفقاً للالتزامات الفنية والبرنامج الزمني الذي تقدمت به المملكة في ملف الترشيح وخطة الإدارة، ووفقاً لمتطلبات ومواصفات مركز التراث العالمي، وبالمستوى الذي يليق بجدة التاريخية كموقع تراث، وهذا ما يستلزم من الشركاء في هذا المشروع (محافظة جدة والأمانة وهيئة السياحة) بذل مزيد من الجهد وتحقيق المشاريع والإنجازات على أرض الواقع بالتضامن مع الملاك والأهالي.