يوماً عن يوم يتزايد ميل الكتَّاب والأدباء السعوديين نحو شبكات التواصل الاجتماعي الموجودة على الإنترنت، ويمكن للمتابع لمختلف هذه الشبكات الموجودة في جميع الوسائط الإلكترونية القول إن هذه الشبكات باتت تعبِّر أكثر من أي شيء آخر عن مزاج الساحة الثقافية، واللحظة الأدبية والإبداعية التي نمرُّ بها. ولطالما شكَّل ابتعاد الكتَّاب والأدباء عن الخوض في هذه الوسائط قضية للمعنيين في الساحة الثقافية، وكانت معظم التساؤلات حتى وقت قريب تدور حول أسباب الجفاء بين المبدعين والشبكات الاجتماعية، لكن القول بذلك لم يعد ممكناً الآن مع وصول أعداد المبدعين الذين يستخدمون شبكات مثل فيسبوك وتويتر إلى أرقام كبيرة. ويقول الشاعر جابر الدبيش إن قيام هذه الشبكات كان هدية لا تقدر بثمن للمبدع على وجه الخصوص، حيث بات بإمكانه محاورة قرائه والمشاركة في النقاشات والوصول إلى أكبر عدد من القراء. ومع تضاؤل نشر النصوص الإبداعية في الصحافة الثقافية فإن الدبيش يرى أن هذه الشبكات باتت تقدم الصورة الحقيقية التي تمر بها لحظتنا الإبداعية. ولا يتوقف الوجود في الشبكات الاجتماعية على الكتَّاب والأدباء الأحياء، بل إن عدداً كبيراً من المبدعين السعوديين الذين رحلوا عنا، موجودون بإنتاجهم المنشور وغير المنشور، متجاوزين حاجز الموت الذي غيبهم جسدياً، لكن نتاجاتهم باتت متوافرة للجميع على مسافة كبسة زر. ولو كان الشاعر محمد الثبيتي بيننا الآن لتفاجأ بمقدار الحضور الكبير له على مختلف الشبكات الاجتماعية الموجودة في الوسائط الإلكترونية على شبكة الإنترنت، التي تزخر بجميع قصائده وكتاباته وحتى أوراقه الخاصة. وربما لم يعجب هذا الحضور الكبير شاعر «التضاريس» نفسه، الذي كان من أشد المدافعين عن الخصوصية، وكثيراً ما حمى نفسه من الدخول في تفاصيل الساحة إلى الحد الذي كان حضوره في المشهد نادراً على الرغم من كونه واحداً من أهم الشعراء السعوديين، الذين كتبوا القصيدة الحديثة. ويشكل تعامل الكتَّاب والأدباء السعوديين مع هذه الشبكات في غالبه نموذجاً للوجود المنتِج على شبكات الإنترنت، وقد خرج جزء كبير من المؤلفات الثقافية والأدبية التي نشرت خلال السنة الماضية من رحم هذه الشبكات. وينتظر أن تكون السنة الميلادية المقبلة حافلة بالإصدارات الورقية، التي كتبت أساساً في هذه الشبكات ويعتزم مؤلفوها نشرها فور الانتهاء من فصولها وتعديلاتها، التي تتم بعد المناقشات التي يتبادلها المؤلفون مع قرائهم وهي الميزة التي تنفرد بها هذه الشبكات عن غيرها من الوسائط الأخرى. ولا يتوقف وجود الكتَّاب السعوديين على المجال الأدبي والإبداعي، ويقول الصحافي والناشط في مجال حقوق الإنسان معتوق الشريف إن مستوى وجود الحقوقيين والناشطين الساعين لبث الوعي ونشر حقوق الإنسان قد بلغ مستوى قياسياً بالمقارنة مع السنوات الماضية. ويتوقع الشريف أن يسهم هذا الوجود في خروج أجيال جديدة تؤمن أكثر من غيرها بحقوق الإنسان وتدعم التصور المأمول بمستقبل أكثر جمالاً للإنسان والحياة في هذا الوطن.