واصل الناخبون في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري أمس الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية المحسومة سلفاً لصالح الرئيس بشار الأسد، فيما تستمر العمليات العسكرية على وتيرتها التصعيدية في مناطق عدة. وجدد مسؤولون في دول غربية داعمة للمعارضة السورية التنديد ب «المهزلة» و«المسرحية» التي تجسدها الانتخابات الهادفة إلى إعطاء شرعية للرئيس السوري الذي تطالب المعارضة بتنحِّيه عن السلطة، بعدما قامت الحركة الاحتجاجية ضده منتصف مارس 2011، قبل أن تتحول إلى نزاع عسكري حصد أكثر من 162 ألف قتيل. ووصف رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أحمد الجربا في مقال نشر له أمس في صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، الانتخابات بأنها «مزورة ونتيجتها محددة سلفاً». وقال «سيعلن الدكتاتور بشار الأسد للعالم هذا الأسبوع إعادة انتخابه رئيساً لسوريا، الدكتاتور لا يُنتخب، يُجري انتخابات بالقوة والتخويف، وهذان هما الدافعان الوحيدان اللذان يُرغمان السوريين على المشاركة في هذه المسرحية». ورأى أنه «ستكون لخطة الأسد تداعيات مهمة»، وأن الانتخابات ستقدم له «واجهة شرعية سيحاول هو وأربابه في موسكو وطهران استغلالها على الساحة العالمية»، مشيراً إلى أن الطريقة الوحيدة للوصول إلى حل سياسي هي تغيير ميزان القوى العسكرية على الأرض ومد المعارضة بالسلاح. وأكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسين من جهته أن الانتخابات «مهزلة لا تحترم المعايير الدولية للشفافية والحرية»، مبدياً ثقته في أن «أياً من دول الحلف لن تعترف بنتائج هذا الانتخاب المزعوم». ودانت لجان التنسيق المحلية المعارضة الناشطة على الأرض في بيان «من يؤيد هذا التصويت ويشارك فيه طوعاً»، معتبرة أنه «شريك للعصابة في ارتكاب الفظاعات»، وناشدت السوريين مقاطعة الانتخابات «الهزلية»، رافضة كل ما يصدر عنها من نتائج. وفي دمشق، بدا التناقض صارخاً بين طوابير الانتظار أمام مراكز الاقتراع وحلقات الرقص والغناء في الشارع تأييداً للأسد، وأصوات انفجارات القذائف التي سقط عديد منها في شوارع العاصمة، والقصف المدفعي في محيطها والتحليق الكثيف للطيران الحربي في أجوائها. نظرياً، تعد الانتخابات «أول انتخابات تعددية» في البلاد منذ نحو نصف قرن، لكن قانونها منع عملياً أي معارض مقيم في الخارج من الترشح. وتقام الانتخابات بإشراف النظام الذي تطالب المعارضة برحيله، ما جعلها أشبه بعملية «تجديد المبايعة» للأسد، وهو التعبير الذي يتبناه كثير من الناخبين.