مع تراجع الأدوار التي تلعبها الأندية الأدبية وجمعية الثقافة والفنون في حياتنا الثقافية، يترقب المشهد الثقافي بروز «قوى» ثقافية جديدة تنهض بأدوار ثقافية جديدة، لكن بصبغة خاصة. ومع إصدار وزارة الثقافة والإعلام أول تصريح رسمي لإقامة أول مركز خاص للدراسات والاستشارات الثقافية في المملكة، فإن الحراك الثقافي في المملكة موعود بخطوات جديدة وغير معهودة. وينتظر المراقبون صدور ترخيصات لإقامة مجموعة من المراكز الثقافية الخاصة في مختلف مناطق المملكة، ما سيشكل مرحلة جديدة من مراحل العمل الثقافي الاحترافي في المملكة. يقول الدكتور عبدالمحسن القحطاني، مؤسس «مركز عبدالمحسن فراج القحطاني للدراسات والاستشارات الثقافية»، وهو أول مركز من نوعه في المملكة، إنه يأمل في أن يشكل إنشاء هذا المركز بداية مرحلة جديدة من العمل الثقافي الاحترافي في المملكة. ويشير القحطاني إلى أنه يعرف عديدا من المثقفين في مختلف مناطق المملكة ممن لديهم طموحات في إنشاء مثل هذه المراكز لخدمة المشهد الثقافي، وأنهم يحتاجون من الدولة، الصيغة القانونية لإطلاق مثل هذه المراكز. ويعتقد أن قيام المراكز الثقافية سيشكل رافدا جديدا للأندية الأدبية القائمة حاليا، مشيرا إلى أن هذه الأندية إذا راقبت حراكاً ثقافياً من مؤسسة مدنية، أو فردية، سيحرضها ذلك على ألا تتثاءب، ما يدفعها لتقديم طروحات جديدة، مشدداً على أن المساحة تتسع للجميع، وداعيا من يستطيع من المثقفين أن يفتتح مجلساً للحوار، أو منتدى، إلى القيام بذلك فورا. وفي ظل حالة الركود التي يحفل بها زمننا الثقافي، وشيوع حالة الإحباط لدى عديد من المثقفين بسبب تراجع أدوار المؤسسات الثقافية الرسمية، فإن المراقبين يأملون في أن يشكل البدء بإصدار السجلات التجارية، لإنشاء مراكز الدراسات والاستشارات الثقافية نواة لمرحلة أخرى متقدمة، وهي الموافقة على إنشاء المراكز الثقافية الخاصة. ويقول الشاعر عبدالعزيز الشريف، إنه يأمل في أن يشكل إنشاء المراكز الثقافية الخاصة دفعة قوية للعمل الثقافي الجاد والمنظم، وأن تتمكن هذه المراكز من رفع مصباحها المضيء من أجل المستقبل. ويوضح أن المشهد الثقافي يحتاج إلى كثير من المنصات الثقافية، داعيا وزارة الثقافة والإعلام إلى سرعة إصدار التنظيمات الخاصة بإنشاء المراكز الثقافية الخاصة، أسوة بعديد من المناشط الأخرى التي صدرت لها تنظيمات مماثلة. أما الروائي عبدالله الحارثي، فيرى أنه وفي ظل هذا التراجع السريع لخط الثقافة المنحدر نحو المنحدر، إلا أن ثمة يناييع تتدفق من بين الصخور، تعيد الصرخة إلى ما تبقى من الروح. ويوضح أن من علامات التفاؤل في المشهد الثقافي، هو ما تعثر عليه من آفاق واعدة عند قراءتك لخطوة بدء التصريح لمراكز الدراسات والاستشارات الثقافية. غير أنه يحذر المثقفين من الاستكانة إلى الأعذار الجاهزة، والعزوف عن المشاركة في الحراك الثقافي الحالي بحجج واهية، لم يعد لها مكان في هذا الزمن الثقافي على وجه التحديد. ويعتقد أن قيام المثقفين بالمبادرة في دفع التوجه نحو إنشاء المراكز الثقافية الخاصة، يمكن له أن يحرق عديدا من المراحل الزمنية التي قد يستغرقها القرار، لكنه أوضح أنه لا يعتقد أن صدور التنظيمات الخاصة بالمراكز الثقافية الخاصة ومؤسسات المجتمع المدني سوف يتأخر أكثر من هذا الوقت، عطفا على المعطيات الراهنة، لافتاً النظر إلى أن مؤسس «الإثنينية» في جدة، عبدالمقصود خوجة، هو من أوائل من تقدموا بطلب إنشاء مركز ثقافي خاص، وذلك قبل سنوات طويلة من الآن، لكن عدم صدور لائحة رسمية لتنظيم عمل المراكز الثقافية ومؤسسات المجتمع المدني قد عطل إشهاره حتى الآن.