قطعت الأندية الأدبية منذ انطلاقتها الأولى شوطا كبيرا في خدمة الثقافة والأدب، حتى وصلت اليوم لستة عشر ناديا أدبيا ، وقد انطلقت البداية منذ عام 1395ه، بفكرة إنشاء الأندية الأدبية، وفي نفس العام أصبحت مشروعا كبيرا لمنجز حضاري تم إنشاؤه على أرض الواقع، حيث تم افتتاح أربعة أندية أدبية في نفس العام. وقد أخذ هذا المشروع الثقافي ينمو شيئا فشيئا في المناطق الإدارية التي تم افتتاح أنديتها الأدبية بإشراف إدارة عامة للأندية تحت مظلة الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ويتولى شؤونها مجلس إدارة معين من قبل الرئيس العام لرعاية الشباب لمدة أربع سنوات، ثم توالت المطالبات بالتوسع في افتتاح أندية أدبية مماثلة في جميع مناطق المملكة وتحقق بعضها في ظل رعاية الشباب، وقدمت تلك الأندية جهدا ملموسا في التأسيس لحراك أدبي ثقافي كان يسير وفق منظومة التطوير التنموي للوطن. ومن أبرز سمات تلك المرحلة رسم الخطوط العريضة لمسيرة الثقافة في المملكة، التي كان من ثمار نجاح تجربتها المتنامي بأن تقرر في عام إنشاء وكالة للشؤون الثقافية ترتبط بوزارة الإعلام، وتم تغيير مسماها إلى وزارة الثقافة والإعلام، فكانت هذه الوكالة نافذة جديدة تطل منها ثقافتنا على مرحلة جديدة بشكل أرحب وأكثر شمولية، وعلى إثر ذلك تم نقل الأندية الأدبية وجمعية الثقافة والفنون بمختلف فروعها من الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ومن ثم إلحاق المكتبات العامة بوكالة الوزارة للشؤون الثقافية بدلا من وزارة التربية والتعليم. وقد استطاعت الأندية الأدبية خلال هذه المرحلة تقديم برامج ثقافية متنوعة، شاركت فيها المرأة بفاعلية، وخطت بعض الأندية خطوة جميلة في فتح المجال للسينما والمسرح، وكثفت أندية أخرى حضورها بالملتقيات الثقافية التي كانت أبرز سمات تلك المرحلة المتوهجة بالحراك الثقافي المنوع من خلال فعاليات الأندية ومعرض الرياض الدولي للكتاب، والأسابيع الثقافية في الداخل والخارج، وغير ذلك من المناشط التي قدمتها وكالة الوزارة للشؤون الثقافية. وفي مرحلة جديدة من مراحل التطوير والتخطيط بدأت مسيرة التنمية الثقافية عبر المؤسسات الأدبية الثقافية تم إعداد لائحة موحدة للأندية الأدبية تعمل على تنظيم أعمالها إداريا وماليا، وكذلك لائحة جديدة للانتخابات، التي تمثل في الوقت ذاته استجابة لمطالب الأدباء والمثقفين، حيث استغرق العمل في إعداد اللائحة وقتا طويلا، وأخذت المشاورات والمداولات وقتا أطول، إلا أنها صدرت بعد ذلك في نهاية الدورة الأولى لمجالس إدارات الأندية الأدبية تحت مظلة وكالة وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية. أما الإعداد للدورة الإدارية الثانية للأندية الأدبية الثقافية فقد بدأ بفتح باب الترشح لعضوية الجمعيات العمومية للأندية الأدبية، بناء على ضوابط اللائحة الأدبية، وذلك من خلال الاعتماد على ضوابط الترشيح التي يقرها مجلس الإدارة لكل منطقة، وبحسب بنود اللائحة تم قبول العضوية في الجمعية العمومية في فترة محددة، وتم الرفع بالأسماء إلى وكالة الوزارة للشؤون الثقافية لاعتماد أسماء أعضاء الجمعية العاملين والمشاركين، وتم تحديد مواعيد للانتخابات التي انتظرها المثقفون زمنا طويلا، لتبدأ الخطوة الأولى من تطبيق تجربة تمثل مرحلة أخرى في مسيرة الأندية الأدبية في المملكة، التي جعلت من ثقافة الانتخاب ممارسة ثقافية وتجربة حضارية، جاءت ضمن إطار التنمية الثقافية الشاملة، التي شملت العمل المؤسسي الثقافي بمختلف مستوياته ومجالاته. ولي العهد خلال استقباله وزير الثقافة ورؤساء الأندية الأدبية في المملكة وفي ظل اهتمام وزارة الثقافة والإعلام بالمثقفين وسير الأندية الأدبية، أطلقت الوزارة اللائحة المقترحة للأندية الأدبية في المملكة في صيغة جديدة، وذلك عبر موقعها على الإنترنت على الرابط culture.gov.sa/culturelist/ حيث وصف المتحدث الرسمي للوزارة الدكتور عبدالعزيز الملحم أن اللائحة المقترحة للأندية الأدبية في المملكة تأتي في قائمة أولويات الوزارة، وأحد اهتمامات وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة، حيث تشكل شريحة الأدباء والمثقفين جزءاً مهماً من ثقافتنا وتطور حراكنا الفكري، مؤكدا حرص الوزارة على أهمية تفاعل الأدباء والمثقفين والمهتمين بالشأنين الأدبي والثقافي في المملكة إلى قراءة اللائحة والتعليق عليها عبر الموقع الإلكتروني، الأمر الذي سيعقبه اجتماع بالمثقفين لتدارس اللوائح معهم. وعبر هذه المنظومة من خطوات التطوير، وعبر بوابة الانتخابات وتطوير اللائحة اهتمت الأندية الأدبية بالمطبوعات، والدوريات، والاصدارات التي تمثل اهتمام هذه المؤسسات النابع من أهداف الأندية الأدبية وما تقره لوائحها تجاه خدمة الحراك الثقافي بمختلف مجالاته الإبداعية في مرحلة ثقافية أشبه ما تكون أقرب إلى ميدان ثقافي يغلب عليه طابع التحدي مع مواجهة الثورة المعلوماتية والطفرة التكنولوجية, مما جعل الأندية تسارع إلى تلوين إصداراتها بكل ما لدى الساحة الثقافية من شعر وقصة ونقد ودراسات وفنون أخرى، في سباق لاستقطاب أكبر شريحة ممكنة من المثقفين والأدباء وأصحاب المواهب الواعدة على اختلاف مجالاتهم الإبداعية وميولهم الثقافية. كما أن المنتج الأدبي والثقافي رغم تنوعه، وعلى كافة ما يتم تقديمه للقارئ سنويا، إلا أنه من جانب آخر يفرض إنشاء شركة متخصصة في تسويق الكتاب السعودي محليا وعربيا ودوليا، من خلال رؤية استراتيجية قادرة على النهوض بتسويق الكتاب المحلي متجاوزة بذلك ثقافة التسويق إلى تسويق الثقافة، عطفا على ما تشهده الساحة الثقافي في هذا العهد التنموي الحضاري الزاهر في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - أيده الله - وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وسمو النائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز يحفظهما الله. لقد شهدت الساحة الثقافية والأدبية والإبداعية في هذا العهد الحضاري الزاهر وما تزال تشهد طفرة كبيرة في إنشاء الأندية الأدبية وافتتاح أندية جديدة وإيجاد مقار رئيسية لها وخاصة بعد الدعم السخي الذي تلقته من لدن مقام خادم الحرمين الشريفين، وذلك بدعم كل ناد بمبلغ عشرة ملايين ريال، إلى جانب ما تشهده مناشط الأندية من تنام بوجه عام، وطفرة في حركة النشر على وجه الخصوص، مما زاد من حضور فاعلية الأندية الأدبية في تعاطيها مع المنجز الثقافي بوجه عام، لتكون حاضرة في مختلف المناسبات الثقافية بمناشطها المنبرية، وبإصداراتها الأدبية والإبداعية في مختلف الفنون، ولتكون حاضرة - أيضا - في ملتقياتها التي تتبع الحراك الثقافي المحلي والعربي. إن المتتبع لحراك مشهدنا الثقافي اليوم في كافة الأندية الأدبية، ومن خلال مجالسها المختلفة المنتخبة يجد بأنها عملت على كسر النمطية في طرق تقديم الفعاليات، وذلك من خلال رؤية تسعى إلى مواكبة التنمية الثقافية الحضارية، عبر تفعيل نشاطات نوعية لاقت رضا كثير من المثقفين، فقد برز مؤخرا النشاط الثقافي لهذه الأندية كواحد من محركات التجاذب بين الأطياف الثقافية والفكرية، إضافة إلى كون العديد من المناشط الأندية الأدبية استطاعت أن تحدث حراكا معرفيا فكريا حواريا، وأخذت بتنوع ثقافي جاد، إذ نجد على سيبل المثال لا الحصر أن عددا من الأندية ومنها نادي المنطقة الشرقية أخذ زمام المبادرة في تنظيم مسابقة الأفلام السعودية، التي جعلت من النادي وجهة رئيسية لعشرات الشباب الذين لم يلجوا عالم المؤسسات الثقافية من قبل، ونجد كذلك بأن نادي جازان أحدث تفاعلا أدبيا واكب تنظيمه الملتقى الشعري الثالث الذي أقيم تحت عنوان «الخطاب الشعري المعاصر في المملكة العربية السعودية» حيث حفل الملتقى بعدد من الدراسات النقدية والأمسيات الشعرية والمداخلات، وكذلك نظم نادي جدة الأدبي ملتقى «قراءة النص» التاسع بعنوان «الرواية في الجزيرة العربية» بالإضافة إلى الأمسيات الفكرية والشعرية في نادي حائل الأدبي ونادي تبوك. وفي مضمار الحراك الثقافي المتنامي الذي ألقت بظلالها التنمية الشاملة على مؤسساته الثقافية عامة والأندية الأدبية خاصة نجد أن العديد من الأندية انطلقت إلى مجالات أدبية وثقافية كثيرة كالأفلام، والقصة القصيرة، والحكاية الشفهية، والقصيدة الحديثة، والنصوص القديمة، والسيرة بأنواعها، والجوانب التاريخية في الأدب، والتراث، والفنون، والجوانب اللغوية..إلخ.. انطلاقا من الرؤية التي عززت حضور الأندية الأدبية، وضمن إطار الرؤية التنموية الحضارية المعاصرة، مما جعل الأندية الأدبية في سباق موسمي للارتقاء بالمشهد الثقافي من جميع جوانبه، بما في ذلك من نشاطات منبرية وملتقيات ومهرجانات ومسابقات ومعارض خاصة بالكتاب وأخرى خاصة بالعديد من الفنون الإبداعية المختلفة، سعيا حثيثا منها إلى إثراء المشهد الأدبي والثقافي لتأسيس حركة ثقافية جاء ضمن ثماره بروز خطاب ثقافي أشمل، جاء نتيجة التجارب الناجحة للأندية، التي ما زالت تسعى إلى البرهنة على أن تثبت للجمهور جديّة العمل والنهوض بالتجربة الثقافية عامة بشكل يواكب الحراك التنموي في مختلف مجالات التنمية التي تشهدها المملكة في عهد التنمية الشاملة ثقافيا وحضاريا واجتماعيا واقتصاديا. صورة إرشيفية للأمير سلمان مستقبلا أعضاء المجلس السابق لأدبي الرياض