شهدت مدينة زاكورة المغربية إقامة لقاء احتفائي بالتجربة الأدبية والإعلامية للشاعر المغربي ياسين عدنان، نظمه وأشرف عليه النسيج الجمعوي في زاكورة بتنسيق مع مكتبة النجاح المحلية، حضره عدد من الأدباء والإعلاميين المغاربية. ياسين عدنان، الذي زار هذه البلدة أول مرة سنة 1994م، وأطر فيها عديداً من الندوات والورش الأدبية والثقافية والحقوقية، وساهم في إطلاق مغامرة سينمائية صارت اليوم موعداً سينمائياً هو «الملتقى الدولي لسينما عبر الصحراء»، قررت المدينة أن ترد له الدين بإقامة هذا اللقاء الاحتفائي السبت الماضي. بدأ اللقاء بندوة أدبية عرفت مشاركة عدد من الشعراء والنقاد المغاربة، توقف فيها الشاعر المغربي محمد الحمري عند ديوان «لا أكاد أرى» للمحتفى به، موضحاً أن تفعيلية هذا الديوان وما أبان عنه ياسين فيه من معرفة ببحور الشعر في قصائده، يبقى دليلاً على أن الشاعر لم يتحوّل إلى قصيدة النثر عن جهل بالشعر الكلاسيكي، وإنما عن إيمان واقتناع بالأفق الحداثي للقصيدة. وانتقدت الشاعرة كريمة نادر، قسوة ياسين على المرأة في أحد دواوينه، إلا أن الشاعر سعيد الباز دافع عن رفيقه مبيناً أن هذه القسوة دليل قلق وجودي يعانيه الشاعر في علاقته بذاته وبالعالم، لافتاً إلى أن ياسين حينما يتكلم عن المرأة في ديوانه فإنه يُحذّر مما يؤدي إليه انخراط المرأة في ماكنة الحداثة التجارية، خصوصاً مع صناعة الإعلان، ومع اختزال المرأة في جسدها والمتاجرة به. من جهته، قارب سعد سرحان، «رصيف القيامة»، ورصد بشكل خاص، توظيف ياسين ثقافته الفنية في بناء نصوص هذا الديوان، وكأنه يُمَغْنِطُها فتجذب، لا القراء فقط، وإنما المبدعين أيضاً، مشيراً إلى أن قصيدته «الطريق إلى عام 2000» المنشورة في الديوان مسرحت ترجمتها الفرنسية المخرجة الإيطالية لورا فيلياني. واختار الناقد نجيب العوفي، التوقف مع الديوان الأخير لياسين «دفتر العابر»، منتقداً الشاعر الذي أسمى ديوانه دفتراً، والحقيقة أنه كتاب شعري ذو قيمة عالية، مشيراً إلى أن هذا الديوان يتشكل من قصيدة نهرية طويلة من جملة واحدة تتواصل في نفَسٍ واحد على امتداد أكثر من 200 صفحة وتسافر بقارئها إلى مختلف المدن والعواصم والبلدان والقارات بروح أندلسية منفتحة. أما الدكتور عادل حدجامي، المختص في الفلسفة، فقد قارب «دفتر العابر» من زاوية فلسفية كاشفاً عن بعض الرؤى الفلسفية العميقة التي يحبل بها هذا الديوان. وجاءت المداخلة الأخيرة للشاعر الفلسطيني الأردني عمر شبانة، الذي اختار الاشتغال على التجربة السردية لياسين من خلال مختاراته القصصية الصادر مؤخراً عن دار العين القاهرية تحت عنوان «فرح البنات بالمطر الخفيف». وركّز شبانة على الطريقة الذكية التي ينتقد بها ياسين المجتمع وظواهره المرضية، وكذا لعِبَه السردي الممتع وهو يستدعي إلى نصوصه أبطالاً من ألف ليلة وليلة، أو من أعمال أدباء آخرين عرباً وعالميين قبل أن يعيد عجنها في قصص لذيذة ذات روح. أما الندوة المخصصة لتجربة ياسين عدنان الإعلامية فعرفت مشاركة مديرة إذاعة «مراكش»، الإعلامية المغربية فاطمة أقروط، ومقدمة البرامج السياسية على التليفزيون المغربي إكرام بن الشريف، اللتين اتفقتا على القيمة الثقافية والإعلامية للبرنامج الثقافي الأسبوعي «مشارف» الذي يعده ويقدمه ياسين على شاشة التليفزيون المغربي أسبوعياً. وتوقفت الأستاذة في المعهد الوطني للعمل الاجتماعي، الباحثة لطيفة البوحسيني، عند بُعد التواصل الإلكتروني في تجربة ياسين عدنان الأدبية والإعلامية، وكيف يستخدم فضاء «فيسبوك»، وفق خطة تحريرية واضحة المعالم، أولاً للإعلان عن حلقات برنامجه «مشارف»، وكذا لتقديم إصداراته الأدبية والأخبار عن أنشطته الثقافية، ثم نشر مذكرات سفره. واستعرضت نماذج من السجالات الثقافية بل والسياسية أحياناً التي تحتضنها صفحته التي صارت أشبه ما تكون بناد أدبي وفكري مغربي مفتوح لمختلف المشارب الإلكترونية. وفي الحفل الختامي لهذا اليوم الاحتفائي، قدّم الفنانان المسرحيان أيوب العياسي والصديق مكوار مشاهد من مسرحيتهما الجديدة «العابر» المستوحاة من ديوان «دفتر العابر»، فيما قدم الفنان مصطفى الوردي باقة من الأغاني من ألحانه وكلمات ياسين عدنان، قبل أن يقدم «صناجة زاكورة» الشاعر والمغني محمد العكَيلي مجموعة من قصائد «الرسمة» المغناة. أما الفنانة ثريا الحضراوي فأطربت الحضور بمجموعة من قصائد الملحون مغناة. قبل أن تختم فرقة «الرّكبة» الفلكلورية المحلية اليوم الاحتفائي بعروض فنية.