يحتفل العالم في الثالث من مايو (قبل يومين) من كل عام باليوم العالمي لحرية الصحافة، وذلك منذ العام 1993م بعد أن أقرته الأممالمتحدة بغرض تذكير الحكومات بالتزاماتها لاحترام حرية الصحافة، وتأكيد أخلاقيات المهنة، وتكريم الصحفيين الذين غامروا بحياتهم من أجل الحرية. وقد ناشد الأمين العام للأمم المتحدة الدول والمجتمعات والأفراد الدفاع بفعالية عن حرية التعبير والصحافة بوصفهما من الحقوق الأساسية لتحقيق الديمقراطية والشفافية والمساءلة وسيادة القانون، كما أنهما تؤديان دورا حيويا في النهوض بالكرامة الإنسانية والتقدم الاجتماعي والتنمية الشاملة. وعلى الرغم من التقدم الملموس في حرية الصحافة في معظم دول العالم، إلا أنه لا تزال هناك عشرات الدول حول العالم تفرض فيها الرقابة على المطبوعات، كما تفرض عليها الغرامات وأحيانا يتم تعليق صدورها من الأساس، بينما يلقى الصحفيون والناشرون ألوانا مختلفة من المضايقات والاعتداءات والتهديدات والاعتقالات بل يتعرض بعضهم للاغتيالات فى بعض الأحيان. وتحتل دولنا العربية في أكثر استطلاعات الرأي والدراسات المراتب الدنيا في مؤشرات حرية الرأي والصحافة بشكل عام مع تفاوت ضئيل بينها، وقد رصدت منظمة «فريدوم هاوس» الدولية المعنية بحرية التعبير تراجع مراكز عديد من الدول العربية عما كانت عليه في العام الماضي خاصة مصر. سبب هذا التراجع العام وكذلك الموقع المتدني للدول العربية يعود لأسباب عديدة، أبرزها تغول بعض السلطات العربية في عمل الصحافة وتقييد حريتها، كتعيين وفصل رؤساء تحرير الصحف، وانعدام البيئة القانونية من تشريعات وأنظمة تحمي هذه الحريات، وعدم توفير المعلومات بشفافية للعاملين في الصحافة. من الأسباب أيضا أن المؤسسات الصحفية في المنطقة العربية لا تتمتع باستقلالية في عملها، مما يعني أن دورها في معظم الأحيان يكون تابعا للسلطات الرسمية ومواقفها، ولا تقوم بصياغة أية مواقف مستقلة أو آراء خلاف الرأي الرسمي. وتهتم المؤسسات الصحفية في معظم الأحيان بكسب جمهورها عبر إعلانات ومسابقات وجوائز أكثر من اهتمامها بتقديم مادة صحفية ثرية ومتميزة. العاملون في الصحافة أيضا لا يتمتع أكثرهم بمهنية صحفية عالية، فعديد منهم ينقل الأخبار من مصادر محددة دون أن يغطيها بصورة حيادية وموضوعية ومن عدة جهات، ولهذا لا نجد تميزا في المادة الصحفية المنشورة ولا جهدا حقيقيا للصحفي في إعداد المادة بصورة مهنية واحترافية. إن انعدام حرية الصحافة في أي مجتمع – وكما هو واضح – يقود إلى مختلف أشكال الفساد، وتضليل الرأي العام، وتجهيل المجتمع. من هنا فإن حرية الصحافة تبقى مطلبا رئيسا ومهما لكل المهتمين بتنمية المجتمع وتقدمه. ولا بد من عمل جاد وحقيقي يقوم به مختلف الأطراف، من أجل الوصول لمستوى عالمي مقبول في هذا المجال.