يشعر أكراد العراق بالقلق من إمكانية خسارة منصب رئاسة الجمهورية في مرحلة ما بعد الانتخابات التشريعية، خصوصاً أن هذا المنصب يمثل بالنسبة إليهم رمزاً مهماً بعد عقود من القمع وحلقة وصل بين إقليم كردستان وبغداد. ويتولى هذا المنصب منذ العام 2006 جلال طالباني أو «مام جلال» كما يطلق عليه الأكراد، وهو أول كردي يتولى منصب رئيس الجمهورية في البلاد، الأمر الذي ساعد على معالجة كثير من الخلافات بين أطياف دينية وإثنية متنوعة. وأثارت مغادرة طالباني البلاد لدواع صحية حيث يتلقى العلاج في أحد مستشفيات ألمانيا من جلطة دماغية أصيب بها منذ أكثر من عام، أسئلة حول هوية الشخصية التي ستخلفه في منصبه بعد تشكيل البرلمان الجديد. ورأى كوباد طالباني، ابن الرئيس العراقي وأحد أبرز المسؤولين الأكراد في إقليم كردستان العراق، أن وجود كردي في الرئاسة «خطوة تعيد خلق عراق للجميع». وأضاف أن «هذا المنصب مهم جداً ويود الأكراد أن يحتفظوا به، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني يريد أن يحتفظ به كذلك». وعلى الرغم من أن منصب رئيس البلاد فخري إلى حد كبير، فإن الأكراد يرون أن وجود ممثل عنهم في سدة الرئاسة، يعد تعويضاً لهم عما تعرضوا إليه من قمع إبان نظام صدام حسين، وخصوصاً قصف مدينة حلبجة بالأسلحة الكيميائية عام 1988. وقال أرام عبد الكريم (29 عاما)، أحد عناصر قوات البشمركة الكردية الذي كان يرتدي ملابس مدنية، «إن رئاسة الجمهورية تمثل كل شيء بالنسبة لي». وأضاف متحدثا من أحد مراكز اقتراع الناخبين في السليمانية خلال الانتخابات التشريعية التي نُظِّمَت في العراق يوم الأربعاء الماضي «كان الرئيس عربياً وكنا مضطهدين لسنوات». بدوره، قال وحيد حمد أمين الذي كان يسير مستعينا بعصاه وهو يرتدي الملابس التقليدية الكردية متحدثا في مركز انتخابي آخر، «لا يهمني من يكون رئيس الجمهورية طالما أنه من الأكراد». وبحسب العرف السياسي غير المنصوص عليه في الدستور، يتولى الأكراد منذ العام 2006 رئاسة الجمهورية، والشيعة رئاسة الوزراء والسنة رئاسة البرلمان. ويعد تولي شيعي لمنصب رئاسة الوزراء في التشكيلة الحكومية المقبلة أمراً مسلماً به، لكن يبقى المنصبان الآخران غير واضحي المعالم وقد يُفرَض على السنة والأكراد أن يتبادلا هذين الموقعين. وفي هذا السياق، قال أرام شيخ محمد أحد المرشحين للانتخابات البرلمانية عن قائمة «التغيير» الكردية «مهم جداً أيضا بالنسبة إلينا هذا المنصب» في إشارة إلى رئاسة البرلمان. ويرى الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، مايكل نايتس، أن «هناك توجهاً بضرورة تولي الأكراد رئاسة البلاد أو البرلمان». وحذر من أنه «إذا لم يحصل الأكراد على أحد المنصبين، فإن هذا الأمر سيكون بمثابة مؤشر كبير على عودة للعرب للدخول في مواجهة جديدة مع الأكراد». وسيزيد هذا الأمر من التعقيدات في العلاقات العربية الكردية، التي تواجه أصلاً تحديات وخلافات تشمل الموارد الطبيعية والأراضي وتقاسم السلطة والأموال، التي يتوجب على الحكومة المركزية أن تدفعها للأكراد، التي أدى تأخرها إلى عجز عن دفع رواتب الموظفين لفترة طويلة في بداية العام الحالي. ويبقى لمنصب رئيس الجمهورية موقع مميز في ذاكرة الأكراد وفي تطلعاتهم. ويقول نايتس إن «منصب رئيس الجمهورية يسمح لكردي بأن يترأس قمة عربية، ويساعد الأكراد على نقل تطلعاتهم إلى العالم، وعلى وضعهم في صميم عملية بناء التحالفات وصناعة القرار في بغداد». من جانبه، يرى أسوس هاردي الذي يعمل صحافياً ومحللاً في السليمانية، أن منصب رئاسة الجمهورية «يجعل الناس هنا تشعر وكأن هناك ما يربطهم بالعراق».