أعرب رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، أمس الخميس عن ثقته في قدرته على تشكيل حكومة أغلبية سياسية بعد يوم من الانتخابات التشريعية العامة. ويرمي المالكي بثقله السياسي خلف ولاية ثالثة يأمل أن تعبر به نحوها نتائج أول انتخابات تشريعية منذ الانسحاب الأمريكي نهاية 2011 والثالثة منذ سقوط نظام صدام حسين في 2003، لكنه يواجه معارضة داخل الأحزاب الشيعية الأخرى التي كانت تتحالف معه في السابق، فضلاً عن معارضة غالبية السنة والأكراد. وقال المالكي في مؤتمر صحفي في بغداد أمس «لدينا ثقة أننا نستطيع تحقيق الأغلبية السياسية، إذاً لا محاصصة ولا توافقية ديمقراطية، ونحن قادرون على تحقيق أكثر من 165 مقعدا» من بين مقاعد البرلمان البالغ عددها 328. وكان قادة البلاد اتفقوا بعيد انتخابات العام 2005 وكذلك بعيد انتخابات العام 2010 على تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم جميع الكتل السياسية، وهو ما يرفضه المالكي في هذه المرحلة. وقال في هذا الصدد «أحذر من عودة إلى المحاصصة ولن أكون جزءًا منها». وشدد المالكي رغم إعرابه الأربعاء عقب الإدلاء بصوته عن ثقته في تحقيق الفوز في الانتخابات، على أنه ليس متمسكا بمنصب رئيس الوزراء، إلا إذا اختاره العراقيون مجدداً لهذا المنصب. وتابع «أمي لم تلدني رئيساً للوزراء، أنا ولدت فلاحاً وموظفاً وكاسباً وطالباً، والعراق الآن بحاجة إلى جهد في أي موقع من مواقع المسؤولية، أكون سعيدا وأتشرف أن أخدم البلد»، مستدركا «وفي الوقت ذاته فإن المرحلة ليست مرحلة راحة وإذا ما تم الاختيار فسأعتبره إلزاما وسأكون مضطراً للاستجابة إليه، لا أستطيع أن أخذل الناس وأتراجع وأتنازل عن مواجهة التحديات وهي كثيرة على العراق». وطوى الناخبون العراقيون صفحة اليوم الانتخابي الطويل الذي تحدوا فيه التهديدات الأمنية ليصوِّت أكثر من نصفهم في الانتخابات التشريعية، وباتوا ينتظرون نتائج يأملون أن تحقق لهم رغبتهم في التغيير. وانطلقت فور إغلاق مراكز الاقتراع أبوابها أمس الأول الأربعاء عمليات العد والفرز، علما أنه من المتوقع أن لا تُعلَن قبل أسابيع النتائج النهائية. ويشكك مراقبون في إمكانية أن تفوز لائحة نوري المالكي بغالبية المقاعد وعددها 328. ويقضي العرف السياسي المعتمد في العراق منذ 2006 بأن يكون الرئيس كردياً، ورئيس الوزراء شيعياً، ورئيس مجلس النواب سنياً. ويعتقد مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة «أوراسيا»، أيهم كامل، أن «إيجاد توازن بين المكونات الثلاثة، الشيعة والسنة والأكراد، ليس بالمسألة السهلة». ويتوقع أن يستغرق تشكيل حكومة جديدة بين 3 و6 أشهر، مشيرا إلى أنه «من الصعب إنجاز كل هذه المسائل بضربة واحدة». وتنافس في هذه الانتخابات 9039 مرشحاً على أصوات أكثر من عشرين مليون عراقي. وكانت الأحداث الأمنية في اليومين الأخيرين ألقت شكوكاً حيال قدرة القوات المسلحة على الحفاظ على أمن الناخبين، حيث شهد العراق موجة تفجيرات انتحارية في يوم الاقتراع الخاص بهذه القوات الإثنين، وتفجيرات إضافية الثلاثاء، قُتِلَ فيها نحو ثمانين شخصاً. وانسحبت أعمال العنف هذه على انتخابات الأربعاء حيث قُتِلَ 14 شخصا وأصيب العشرات بجروح في سلسلة هجمات استهدفت مراكز اقتراع في مناطق متفرقة من البلاد فيما كان العراقيون يدلون بأصواتهم، علماً أن انتخابات العام 2010 شهدت مقتل نحو أربعين شخصاً في أعمال عنف مماثلة. وشملت هجمات الأربعاء تفجيرين انتحاريين، وعشرات قذائف الهاون، ونحو عشر عبوات ناسفة و11 قنبلة صوتية. لكن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أعلنت أن نسبة التصويت غير النهائية في هذه الانتخابات بلغت 60% بانتظار ورود أرقام من بعض «المناطق الساخنة»، علما أن نسبة المشاركة في انتخابات العام 2010 بلغت 62.4%.