طوى العراقيون صفحة اليوم الانتخابي الطويل الذي تحدوا فيه التهديدات الامنية ليصوت اكثر من نصفهم في الانتخابات التشريعية، وباتوا ينتظرون نتائج يأملون أن تحقق لهم رغبتهم بالتغيير. وانطلقت، فور إغلاق مراكز الاقتراع أبوابها الاربعاء، عمليات العد والفرز، علما انه من المتوقع الا تعلن قبل اسابيع النتائج النهائية لأول انتخابات تشريعية منذ الانسحاب الاميركي نهاية 2011، وثالث انتخابات منذ اجتياح 2003. ورغم انه ليس مذكورا في الدستور، الا ان العرف السياسي المعتمد في العراق منذ 2006 يقضي بأن يكون الرئيس كردياً، ورئيس الوزراء شيعياً، ورئيس مجلس النواب سنياً. ويقول أيهم كامل، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة «اوراسيا» لوكالة فرانس برس: إن «إيجاد توازن بين المكونات الثلاثة، الشيعة والسنة والأكراد، ليس بالمسألة السهلة». ويضيف: إن تشكيل حكومة جديدة قد يستغرق بين ثلاثة وستة أشهر، مشيراً إلى أنه «من الصعب إنجاز كل هذه المسائل بضربة واحدة». وتنافس في هذه الانتخابات 9039 مرشحاً على أصوات أكثر من 20 مليون عراقي، أملاً بدخول البرلمان المؤلف من 328 مقعداً. وشهد العراق موجة تفجيرات انتحارية في يوم الاقتراع الخاص بهذه القوات الاثنين، وتفجيرات اضافية الثلاثاء، قتل فيها نحو 80 شخصاً. وانسحبت أعمال العنف على انتخابات الأربعاء، حيث قتل 14 شخصاً وأصيب العشرات بجروح في سلسلة هجمات استهدفت مراكز اقتراع في مناطق متفرقة من البلاد، فيما كان العراقيون يدلون بأصواتهم، علما أن انتخابات العام 2010 شهدت مقتل نحو 40 شخصاً في أعمال عنف مماثلة. وشملت هجمات الأربعاء تفجيرين انتحاريين، وعشرات قذائف الهاون، ونحو عشر عبوات ناسفة، و11 قنبلة صوتية. لكن التفجيرات الأخيرة لم تمنع العديد من العراقيين من التعبير عن إصرارهم على التوجه إلى صناديق الاقتراع، أملاً بإحداث تغيير في بلاد تعيش على وقع أعمال العنف اليومية منذ أكثر من عقد. وقال جواد سعيد كمال الدين (91 عاما) لوكالة فرانس برس، وهو يهم بمغادرة المركز، بمساعدة أحد عناصر الشرطة: «أتمنى أن يتغير أعضاء البرلمان لأن غالبيتهم العظمى سرقوا ونهبوا أموال البلاد». وأكد من جهته أبو أشرف (67 عاماً): «جئت أنتخب من أجل أطفالي وأحفادي، لتغيير أوضاع البلاد نحو الأفضل»، مضيفا: «من الضروري تغيير غالبية السياسيين لأنهم لم يقدموا شيئا. نريد رئيس وزراء وطنيا يعمل لخدمة العراق بعيدا عن الطائفية». وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، ان نسبة التصويت غير النهائية في هذه الانتخابات بلغت 60 بالمائة، بانتظار ورود أرقام من بعض «المناطق الساخنة»، علما أن نسبة المشاركة في انتخابات العام 2010 بلغت 62,4 بالمائة. ورغم أن الناخبين يشكون من أعمال العنف المتواصلة، ومن النقص في الخدمات والبطالة، الا ان انتخابات الاربعاء بدت وكأنها تدور حول المالكي نفسه واحتمالات بقائه على رأس الحكومة لولاية ثالثة، رغم إعلانه في شباط/فبراير 2011 انه سيكتفي بولايتين. وقتل منذ بداية الشهر الحالي في اعمال العنف اليومية في العراق اكثر من 750 شخصاً بحسب حصيلة أعدتها فرانس برس، استنادا الى مصادر أمنية وطبية وعسكرية، في وقت لا تزال تخضع مدينة الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) منذ بداية العام لسيطرة مسلحين متطرفين. ويتخذ المالكي من الملف الامني اساسا لحملته، معتمدا على صورة رجل الدولة القوي التي يروج لها مؤيدوه في مواجهة التهديدات الامنية. وخاض رئيس الوزراء الذي يتهمه خصومه بتهميش السنة وبالتفرد بالحكم، الانتخابات من دون منافس واضح داخل الطائفة الشيعية، على عكس الانتخابات السابقة التي شهدت معركة بينه وبين العلماني اياد علاوي حبست انفاس الناخبين والمراقبين منذ اللحظات الاولى لفتح صناديق الاقتراع.