ليس سرا إن قلنا إن (ثقافة الاعتذار) غائبة عندنا أومغيبة، بل لا نبالغ إن أكدنا أن البعض يعتبر الاعتذار ضرباً من الضعف والمذلة! هناك عوامل عدة ساهمت في انتشار هذا الاعتقاد الخاطئ، لعل أبرزها نابع من المدرسة التي لم تعلم الأجيال أن الاعتراف بالحق فضيلة، بل ربما علمتهم العكس فنجد الطالب في المدرسة يسارع برفع يده ويقسم (والله العظيم مش أنا يا أستاذ) حتى من قبل أن يعرف سبب غضب هذا المعلم. لذا ترسخ هذا المفهوم في النفوس وأصبح الفكاك منه متعذرا إلا على من رحم ربي.وإلى وقت قريب كنت أظن أن الذين تلقوا تعليمهم العالي – خاصة في الدول الغربية – هم ممن رحم ربي، لأنهم سيتشربونها هناك – أي ثقافة الاعتذار – شاؤوا أم أبوا، فعند فتح الباب، وفي المصعد، وفي المطعم والشارع... أكثر كلمة سيسمعونها وسيضطرون لاستخدامها هي (sorry).قلت إنني كنت أظن، ولكن تأبى الحوادث إلا أن تثبت لنا عكس ذلك، فلا فضيلة الشيخ سيعتذر، ولا سعادة الأمين سيتراجع، ولا رئيس التحرير سيعترف بخطئه، وفي أحيان كثيرة لا يريد الناس سوى سماع كلمة اعتذار تهدئ خواطرهم وتشعرهم بأهميتهم، ولكنهم للأسف لا يجدونها.