تباينت آراء مسؤولي الأندية الأدبية والمثقفين في إعلان وزارة الثقافة والإعلام نيتها العودة إلى نظام «التعيين» في تشكيل مجالس إدارات الأندية الأدبية في المملكة بعد نهاية فترة الإدارات الحالية. وفي الوقت الذي تأسف فيه البعض على الحكم بفشل تجربة الانتخاب في الأندية الأدبية قبل أن تأخذ دورتها كاملة، فقد رأى آخرون أن العودة إلى نظام التعيين تعتبر القرار المناسب للحظة الثقافية الراهنة. وكان نائب وزير الثقافة والإعلام، الدكتور عبدالله الجاسر، قد كشف في تصريحات صحفية في الأحساء الأسبوع الماضي، عن توجه الوزارة إلى تعيين نصف أعضاء مجالس الأندية الأدبية في دوراتها المقبلة، والإبقاء على الانتخابات للنصف الآخر، ليبدأ النقاش في مختلف أرجاء الساحة حول هذه التجربة القصيرة في الانتخاب والتي لم تدم طويلاً، وكذلك حول مصير اللائحة الجديدة للأندية الأدبية. «الشرق» سألت رؤساء وأعضاء في مجالس إدارات الأندية الأدبية ومثقفين مستقلين حول قراءتهم لمثل هذا القرار الذي من شأنه أن يؤثر على مسيرة الأندية الأدبية. في البداية يرى رئيس النادي الأدبي الثقافي بجدة، الدكتور عبدالله السلمي، أنه «من الإنصاف أن نعذر الوزارة في أي قرار تتخذه، فالمثقفون هم الذين خذلوا الوزارة وصبوا جام غضبهم على لائحتها، وهي لم تكمل شهرها الأول، ولم يهتبلوا هذه الفرصة، ويسددوا النقص، ويتعاملوا مع التجربة بصفتها تجربة خاضعة للتقييم والتقويم. من هنا فمن الأصلح أن تعود الوزارة لما كانت عليه حتى يعود المثقفون الحالمون للحظة اليقظة والمطالبة بالممكن». ويضيف السلمي: «نعم أسلم بأن الانتخابات أحدثت حراكاً لم يسبق له مثيل في تاريخ الأندية، ولكن كان يقابل بكثير من الجحود والنكران والتجني واللوم من قبل فئة ربما تحمل طموحاً حالماً وتطلعاً يتجاوز بمراحل حدود الواقع». ويختتم رئيس «أدبي جدة» قائلاً: «للوزارة الحق في تقييم التجربة وتعديلها أو إلغائها بالكلية، فهي الجهة المسؤولة أولاً وأخيراً». من جابنه، يرى عضو مجلس إدارة النادي الأدبي الثقافي بجدة، عبدالرحمن السلمي، أن «العودة للتعيين لن يحل مشكلة الصراعات، فهي موجودة وستبقى سنة كونية مسيطرة على النخب الثقافية المحلية. والدمج بين الطريقتين الانتخاب والتعيين هي محاولة لترميم هذا الصراع ووسيلة لإحداث نوع من التوازن». ويقول إن «المشكلة التي ينبغي أن تعمل عليها الوزارة هي تعزيز الوعي بثقافة الانتخاب والتعايش مع هذه الآلية التي كانت محل طلب المثقفين عقوداً من الزمن، فلما جاءت بغير ما يشتهون كفروا بها»، مشدداً على أن «الانتخاب يحتاج إلى وعي وإيمان وقدرة على تقبل نتائجه بوعي وتحضر». ويتمنى السلمي عدم الحكم على التجربة في الوقت الحالي، ويقول: «شخصياً أنا مع الفكرة، ولا ينبغي أن نحكم عليها حتى نجربها وتأخذ دورتها كاملة لنكون منصفين في التقييم». أما إن عادت الوزارة إلى التعيين، فإنه يدعوها «إلى وضع معايير واضحة»، مشدداً على أنه في مثل هذه القرارات، أي التعيينات، «تتضاءل المعايير الموضوعية وتبرز معايير المحسوبية والمجاملات والذاتية في الاختيار تعيد الثقافة إلى المربع الأول». أما الشاعر سعد الغريبي، فلا ينظر إلى الموضوع من زاوية أنه أمر متعلق بانتخاب أو تعيين مجالس إدارات الأندية الأدبية، ولكنه ينظر إلى موضوع الانتخابات بصفة عامة، ويقول: «الانتخابات قادمة دون شك في كل مؤسسة أو جمعية أو منشأة، وقد فرحنا بالانتخابات البلدية قبل سنوات برغم ما شابها من قصور في التطبيق وترقبنا بعدها أن تمتد الانتخابات إلى أعضاء مجلس الشورى». أما فيما يخص خطوة وزارة الثقافة والإعلام الرجوع إلى نظام تعيين أعضاء مجالس إدارة الأندية الأدبية، فيقول: «لا ننكر أنه حصل أخطاء في تجربة الانتخابات السابقة، لكن هذا لا يعود إلى الأندية الأدبية أو الأدباء بقدر ما هو نتيجة لغياب ثقافة الانتخاب عن المجتمع»، لافتا إلى أن العودة إلى التعيين بعد الانتخاب «خطوة إلى الوراء لا نود الرجوع إليها»، مضيفاً أنه «كان الأحرى بمسؤولي وزارة الثقافة فحص مواطن الخلل في عملية الانتخابات السابقة وعلاجها وإعطاء الوقت الكافي لنجاح التجربة بدلاً عن نسف هذا الإنجاز الوليد». عضو مجلس إدارة النادي الأدبي بحائل، علي النعام، يقول إن انتخابات المجالس الأدبية في الأندية الأدبية كانت «خطوة رائدة تحسب لوزارة الثقافة والإعلام»، مضيفاً أنه «مع تعديل الضوابط والآلية حول اختيار عضو الجمعية العمومية التي من خلالها يتم انتخاب المجالس الأدبية، إلا أنني ضد إلغاء الانتخابات أو حتى الاكتفاء بانتخاب نصف أعضاء المجلس «، مشدداً على أن «التعيين يعود بنا كثيراً إلى الوراء»، وفق عدم وجود آلية واضحة من قبل الوزارة، كإنشاء نقابة أو جمعية للأدباء أو المثقفين. ويبدو نبيل حاتم زارع واحداً من أبرز السعداء بالعودة إلى نظام التعيين، ويقول: «أؤيد بشدة العودة للتعيين، ومن قبل تطبيق نظام الانتخابات ذكرت وجهة نظري بأن الانتخابات غير إيجابية». ويتابع زارع «كنت وما زلت أطالب بإعادة نظام التعيين، وهو الأفضل لأي مرفق في الدولة، ووجهة نظري هذه لا تعطيني الحق في أن أشكك في نزاهة الانتخابات على الملأ وفي وسائل الإعلام والتجريح في الشخصيات والمسؤولين. وأتمنى من جميع المثقفين رجالاً ونساء أن يلتفتوا إلى الأندية الأدبية ويعاونوها في إكمال مسيرتها ونجاحها وأن يكون الطرح وإبداء وجهات النظر حول النشاط المنبري وأن نغلق باب التشكيك في نزاهة الانتخابات لأنها أخذت الوقت الكثير وأساءت حقيقة للأندية الأدبية وللوسط الثقافي».