الدوسري: لجان القبائل تستقبل الحالات.. ولا توجد لدينا إحصاءات مازالت فئة «البدون» في المملكة تعاني عدم الحصول على حقوقهم المشروعة بالرغم من صدور توجيهات رسمية منذ 14 عاما، بمعاملتهم كسعوديين واحتسابهم من ضمن نسب السعودة في القطاع الخاص، وأحقيتهم في الحصول على العلاج والدراسة، إلا أنه مازال كثير منهم يعانون البطالة والحصول على العلاج، كما لايزالون يعتمدون في زواجهم على شهادة شيخ المسجد، ويخشى الشخص منهم التجول مع زوجته خشية اتهامه بالخلوة!، كما أن أبناءهم لا يحملون شهادات ميلاد ولا إثبات لوجودهم إلا شهادات التطعيم، ورغم بعض التحركات الخجولة ل«اللجنة المركزية لمعالجة أوضاع القبائل النازحة» التي حرصت على استيعاب هذه الفئة، إلا أن هناك الآلاف من الأسر ما زالت تقف في الانتظار. أربع قبائل قال الأمير نايف بن عبد العزيز (رحمه الله) «عن أبناء القبائل الأربع (عنزة، وشمر، وبني خالد، والأساعدة من عتيبة) هم أبناء الوطن ذهبوا وعادوا»وأصدر الملك فهد -رحمه الله- مرسوما ملكيا في 1420 يقضي بأن كل من يثبت انتماؤه إلى هذه القبائل الأربع يحق له «استرداد» الجنسية السعودية، وتوجد أعداد منهم في جزيرة فرسان والربع الخالي والحدود مع الإمارات واليمن. كفاح الدراسة ويقول المهندس الكهربائي عبدالعزيز العنزي (28 سنة) «تخرجت في كلية التقنية، ونلت درجة البكالوريوس عام 1428، بمعدل جيد جيدا، وأعمل حاليا موظفا في شركة «دعم فني» براتب خمسة آلاف ريال، وقد عانى والدي في إدخالي المدرسة في صغري، وتخرجت في الثانوية بنسبة 90 % عام 1422، حينها بدأت قصتي مع الكفاح حيث كانت رغبتي كبيرة في إكمال دراستي، وكنت أذهب من مدينة إلي مدينة بلا سيارة ولا مأوى ولامصروف، ووصلت إلي الرياض لعلي أجد جامعة تقبلني، ومن الرياض توجهت إلي المجمعة وعرعر وجدة، وفي كل مرة تغلق الأبواب في وجهي كوني «غير معترف بي» لأني لا أحمل إثباتا، وأخيرا رجعت إلى الرياض، وذهبت إلى كلية التقنية وانفردت بالموظف المسؤول وشرحت له أوضاعي فتعاطف معي جزاه الله خيرا وأدخلني الكلية». خلوة غير شرعية وأضاف العنزي «بعد تخرجي في الكلية لم أجد عملا لمدة سنتين، وبعدها رزقني الله بوظيفة، وتزوجت لكني لا أحمل إثباتا لزواجي، ولو أوقفتني أية جهة ما في الشارع ومعي زوجتي لاعتبرت الأمر»خلوة غير شرعية»، ولله الحمد أمتلك عدة اختراعات ونظريات موثقة وتلقيت عروضا خارجية لتبنيها.. ولكنني رفضت». تحدٍّ وإصرار وسرد الطالب في كلية الهندسة قسم الهندسة الميكانيكية جامعة الملك سعود يوسف العنزي (22 سنة) معاناته، قائلاً «درست في مراحل التعليم العام، وتخرجت في الثانوية بنسبة 99% وقدرات بنسبة 88% وتحصيلي بنسبة 86%، وتقدمت للدراسة في جامعة الملك سعود، وكان هناك موظف يقصده كل أبناء القبائل العائدة (النازحة) عند تقديمهم للجامعة لأنه كان متعاطفاً معنا ويتساهل في أمر دراستنا والحمد لله قبلت في السنة التحضيرية بلا مكافأة وبلا سيارة أو وسيلة مواصلات للجامعة التي تبعد عن منزلي 15 كيلومترا، ووالدي ليس لديه أي مدخول شهري يغطي احتياجاتنا اليومية، بالإضافة إلى متطلبات الدراسة، ولكن لم تزدني هذه العقبات إلا إصرارا على النجاح والاستمرار وبعد انتهائي من السنة التحضيرية، انطبقت علي شروط القبول في كلية الهندسة، وكانت الصدمة قبولي في كلية الزراعة، وواصلت مراجعة المسؤولين في الجامعة، وظللت أخاطبهم بلا جدوى، وقال لي أحدهم «لا تحلم أن تدخل كلية الهندسة» ودرست عاماً في كلية الزراعة، وكل يوم يصبح وأنا أحمل هم مستقبلي وحلم أبي وأمي، وتمكنت من إحراز معدل مرتفع جدا وذهبت إلى وكيل كلية الهندسة فقبل تحويلي، وهأنذا اليوم خريج بفضل من الله». تعليم خاص وبين الطبيب أحمد الرسلاني العنزي، أنه بعد أن تخرج في الثانوية بنسبة عالية جدا ،ذهب يطرق أبواب عدد من الجامعات ولم يلتفت له أحد حتى اضطر في آخر المطاف إلى أن يطلب من والده الذي لا يملك أي مدخول شهري أن يدخله على حسابه في إحدى الكليات الصحية فوافق وهو اليوم طبيب أسنان، ويضيف «لكن للأسف مازالت «بدون» وأعاني نقص كل أساسيات الحياة. دراسة بلا مكافآت وحكى المحامي عبدالعزيز المزروعي (خريج في جامعة الملك سعود) قصته، «بعد مرحلة الثانوية بقيت سنتين بلا عمل أو دراسة، مع العلم أن نسبتي في الثانوي 99% والقدرات 89%والتحصيلي 82% وفي السنة الثالثة قبلت في كلية التقنية ودرست فيها لمدة عام، وبعد ذلك ذهبت لمراجعة جامعة الملك سعود حتى أتمكن من تحقيق حلمي أن أكون محاميا، ويسر الله لي موظفا تعاطف معي، وسهل أمر قبولي في الجامعة، ولكن بلا مكافأة شهرية». حلول جذرية وعلق رئيس جمعية حقوق الإنسان مفرح القحطاني على قضية «البدون» قائلا «إن الجمعية استقبلت عديدا من قضايا القبائل النازحة في الشمال والمناطق الحدودية في الإمارات واليمن وتشكل 8% من القضايا المنظورة لدى الجمعية»، وأضاف «إن التعتيم حول هذه القضية يزيدها تعقيدا، وطالب الجهات ذات الاختصاص بالتحرك السريع لحصر إعدادهم والوقوف على مشكلتهم والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لوجود حلول جذرية تمكنهم من تفعيل البطاقات الممنوحة لهم، وتسهيل حقهم في الزواج والدراسة والعلاج والعمل والتنقل». مشيرا إلى أن كثيرا منهم تظلم من عدم تفعيلها والاعتراف بها في الجهات الخدمية، وآخرون يشكون من تعطل تخليص أوراقهم في المراحل الأخيرة ما قبل تسلم الهوية الوطنية لأسباب يجهلونها مؤكدا على أهمية صدور أوامر عليا صارمة لتجنب المخاطر الاجتماعية، التي تتفاقم جيلا بعد جيل، متسائلا عن سبب البطء في التعامل مع أوامر صادرة منذ أعوام! رد المسؤول وحاولت «الشرق» التوصل إلى الإحصاءات والأرقام التي توضح واقع هذه القبائل من خلال التواصل مع المتحدث الرسمي باسم وكالة وزارة الداخلية للأحوال المدنية محمد الجاسر وقامت بإرسال فاكس منذ شهر ولم يصلها الرد حتى الآن كما أنه لم يرد على الاتصالات المتكررة. لا توجد إحصاءات وأوضح مدير إدارة الأحوال في المنطقة الشرقية أحمد بن علي الدوسري، أن لجان القبائل التابعة للمديرية تستقبل الحالات من الربع الخالي، إلا أنه لا توجد إحصاءات محددة لهم.