هاني اليحيوي طالب سعودي يحلم بمستقبل مشرق وواعد، ولكنه صدم بواقع مرير أفقده الكثير من أمنياته وأحلامه وظل يصارع للبقاء وتحدي الذات فاخترق عالم «البن والهيل وتوصيل المشاوير» ليواجه بها الحياة ويحقق أحلامه بعيدا عن التقاليد والعيب في نظر بعض الناس. يقول اليحيوي عن تجربته وهو يعمل في محله «نحن أسرة من 16 فردا، والعائل الوحيد لنا هو أبي، مع العلم أنه متقاعد، وهو من الفئة التي لا تستلم راتبا تقاعديا جيدا، ولم تستفد من الدخول في الضمان الاجتماعي وبالتالي عدم دخوله تحت غطاء المحتاجين من قبل الجمعيات الخيرية مما يضطره إلى العمل على السيارة «كداد» ليوفر المصاريف». ويضيف اليحيوي أنه بعد تخرجه من الثانوية الصناعية كان يحلم بالقبول في تخصص الهندسة الطبية ولا يوجد هذا التخصص إلا في كلية صحية واحدة بجدة، وهي خاصة، ولا يوجد في الكليات الصحية الحكومية هذا التخصص «تقدمت إلى العديد من الجامعات، ولكن لم يحالفني الحظ في القبول، بعد ذلك اتجهت صوب الكلية الخاصة وبالتحديد التخصص الذي أحلم به منذ صغري ومن أجله دخلت الثانوية الصناعية وهو الهندسة الطبية، وبالفعل قبلت وطلبوا مني مبلغ 55 ألفا مصاريف الدراسة لمدة ثلاث سنوات، دفعت منها خمسة آلاف أخذتها قرضا من أحد الأقارب وعندما استمررت بالدراسة للأسف تشتت ذهني ونفسيتي بسبب مطالبات مسؤولي الكلية لي بدفع الأقساط، ولاسيما أنني تأخرت في دفعها، وهذا مما أثقل كاهلي وأجبرني على أن أبحث عن عمل عل وعسى أوفر مصاريف الدراسة، وفعلا حدث ذلك حيث عملت في أحد المركز التجارية في محل للبن والهيل، ورغم أن المرتب لا يتجاوز 1800 ريال إلا أنني حاولت جاهدا التوفيق بين عملي ودراستي ولاسيما أن الوقت العملي هو ثماني ساعات يوميا». ويشير إلى أن يومه مقسم إلى ثلاثة أقسام «في الصباح في الكلية، وبعد الظهر في المحل إلى الساعة الحادية عشرة ليلا، بعد ذلك لا أذهب للراحة كما يفعل غيري من العمال بل إلى عمل آخر وهو «الكدادة» على سيارة والدي لتساعدني في المصاريف». ويوضح اليحيوي أنه مهدد بالطرد هذه الأيام من الكلية بسبب قرب الاختبارات، ولا يمكن دخولها إلا بدفع الأقساط المتأخرة «أحمل هم المذاكرة والاستعداد لدخول الاختبارات، وبين التفكير في كيفية سداد الرسوم خلاف عدم توفر الوقت للمذاكرة أضطر إلى أخذ كتبي معي إلى المحل لأستذكر دروسي هناك». ويضيف أنه طرق باب صندوق تنمية الموارد البشرية عدة مرات لكي تساعده في دفع تكاليف الدراسة في الكلية الصحية الخاصة «ظللت أكثر من سنة وأنا أراجعهم علني أظفر بمنحة دراسية، فهم من يقبل لديهم يدفعون له تكاليف الدراسة ويعطونه مكافأة شهرية، رغم أنهم أضاعوا سنة من عمري بسبب مماطلتهم ووعودهم لي بعد تخرجي من الثانوية، بعد ذلك ذهبت إلى الجمعيات الخيرية وشرحت لهم ظروفي وظروف عائلتي الصعبة لكي يساعدوني في دفع رسوم الكلية أو جزء منها إلى أن يفرجها الله، فقالوا لا بد أن يكون أبوك مسجلا في الضمان الاجتماعي». وهكذا يبقى حلم اليحيوي بالتخرج من الكلية الصحية مشوبا بمزيد من التحديات، رغم اجتهاده وطرقه العديد من أبواب العمل، ليقدم نموذجا للشاب المكافح، ولكن قد تخور قواه وينهار طموحه إن لم يجد ما يعينه على ذلك .