تتعالى الأصوات بالنقد تجاه الوزارات الخدمية مثل وزارة الصحة لملامستها حاجة الناس المباشرة. حيث يواجه النظام الصحي تحديات تراكمت منذ سنوات مضت بعضها كان بسبب تقديم حلول عاجلة لإسكات المنتقدين وهذا ما ندفع ثمنه اليوم. لقد تأملنا في وزير الصحة الدكتور الربيعة الخير بإدارته الناجحة لأحد القطاعات الصحية المهمة الذي أعاد هيكلة وزارة الصحة بالكامل فاستحدث إدارات ونشط إدارات أخرى خاملة واستقطب الكفاءات الطبية والإدارية هادفا تطويراً سيلمس ثماره في العهود القادمة بسبب التخطيط المنهجي القائم على أسس علمية بسواعد مجتهدة مواكبة لتطورات العصر . ولكن هل يهم المواطن البسيط أو المتلقي للخدمة العلاجية أن يعرف ماذا كان وضع وزارة الصحة سابقاً، وكيف أصبح اليوم كما تثبته الأرقام والإحصاءات التي تجتهد الوزارة لإظهارها لذوي العلم والإدارة والتخطيط والقيادة الكريمة اذا لم يلامس حاجته الأساسية التي تنصب بالخدمة العلاجية جودة ونوعية. هنا يأتي الصراع بين الواقع والمأمول لتحقيق رضا المريض الذي تبنته الوزارة بشعار»المريض أولاً». ويعني هذا تقديم خدمات صحية بأفضل جودة ممكنة، وبالاستخدام الأمثل للإمكانات المتاحة والحرص على سلامته. كما يعني أن ترضي الموظف الذي يقوم على خدمته وأن توفر له الحوافز والأمان الوظيفي وفرص التطور والتدريب وساعات عمل مناسبة له ولعائلته لضمان استمراريته الوظيفية وحسن أدائه المهني. لكن هل شعار المريض أولاً يركز على الكم أو الكيف؟ هل الهدف هو إسكات عدد أكبر من الناس بتوفير قنوات علاجية مهما كانت إمكاناتها وجودتها والتغاضي عن سلامة المرضى؟ هل رضا المريض لا يشمل رضا من يقدم له الخدمة، وهو أيضا أو قد يكون مريضا وشريك حياته وأبنائه وأسرته مرضى ويفترض أنهم كذلك ممن يحرص النظام الصحي على إرضائهم فلا يجدوا أبناءهم او والديهم بجوارهم تظل حاجتهم العلاجية له وهم منهكون بساعات عمل طويلة تستهلك أكثر من ثلث يومهم، وبين تنقلات كانت بفترة واحدة فكيف بفترتين بطرق مزدحمة وبظل عدم السماح للمرأة بقيادة السيارة وعدم وجود حضانات لأطفال الموظفة بأماكن عملها فتحرم من رعاية أطفالها ومن رضاعتهم الطبيعية التي يفترض أن تشجع عليها وزارة الصحة ضمن برنامجها التوعوي والتثقيفي والوقائي. هنا نتوجه لقرار زيادة عدد ساعات العمل بالمراكز الصحية الأولية واحتمالية تحويلها لفترتين بالرجوع للمديريات الصحية ومجالس المناطق الذي قوبل باستنكار كبير من قبل الموظفين العاملين بهذا القطاع الصحي. فلو تغاضينا عن المشكلات التي ستواجهه بسبب العمل لفترتين خصوصا لموظفين يبعد سكنهم عن مقر عملهم، فالمراكز الصحية الأولية كثير منها متهالك وغير مجهزة بإمكانات إسعافية وبعضها يفتقر حتى إلى خط الهاتف الثابت كما لا يوجد تعاون مع الهلال الأحمر لنقل المرضى للمستشفيات وتفتقد للتقنيات من كمبيوتر وأرشفة وأشعة تشخيصية وتحاليل مخبرية التي تعطل دورها كعنصر أساسي من النظام الصحي خصوصا بتغييب دور طبيب الأسرة كقيادة صحية لتحسين خدمات المراكز الصحية. نعم نحن نرحب بزيادة عدد ساعات عمل المراكز الصحية الأولية، كما في دول الخليج العربي كمثال حي ل16 ساعة باليوم بطاقمين مختلفين يعمل كل منهم ل 8 ساعات كما تنص على ذلك لوائح الخدمة المدنية وقانون العمل والعمال في المملكة العربية السعودية حرصا على صحة الموظف أيضا القائم بالخدمة وحماية لحقوقه الوظيفية وسعياً لرضا المرضى، ولكن يسبق ذلك تحسين خدمات المراكز الصحية لتقوم بدورها الشمولي كوقاية وحماية وعلاج وتأهيل وتوفير الموارد البشرية والمادية والامكانيات العلاجية من Hدوية وأدوات وتقنيات تشخيصية فبوضعها الراهن ماهي إلا عرقلة للمرضى وإخلال بسلامتهم وإساءة لشعار المريض أولا.