المجتمعات بما تحويه من معتقدات وثقافات، ومع مرور الوقت والتطور الحاصل بها يتناسق كل ذلك لينتج شخصية اعتبارية لهذا المجتمع تميزه عن غيره، يؤمن بها ويعمل على تأصيلها ليصبح بذلك قد تكونت له شخصية تعتبر هوية تميزه ويُعرف بها لدى المجتمعات الأخرى يفتخر ويناضل لنشرها والمحافظة عليها. الدين الإسلامي هو المنهج الرباني، الذي ارتضاه سبحانه للبشرية ككل لشموليته ومناسبته لكل زمان ومكان وهويتنا نابعة منه، التي لابد أن تستمر كعامل مؤثر في مجتمعنا، وفي أي مجتمع آخر توجد فيه، فلا ننسى الحضارة الإسلامية ودورها في تقدم الأمم بكل العصور، كما لا نغفل تأثير المسلمين في أغلب البلدان، التي يقيمون فيها في جميع المجالات من منطق القول وأمانة الكلمة وصدق التعامل، جعلت تلك المجتمعات تحرص على اعتناق الإسلام بقناعة تامة بدون عنف أو ضغوط تُمارس عليها. نسأل دوماً: هل نحن مَنْ أساء لديننا بالتخلي عن رسالتنا في إيصاله للآخرين بأسلوب صحيح؟ أما زلنا قادرين ومؤهلين بالمحافظة على هويتنا الحقيقية النابعة منه وتطويرها بروح عصرية بما يتلاءم ويتأقلم مع المتغيرات في وقتنا الحالي لمحاولة تجاوز كل ما نشاهد من تغيرات سلبية واضحة وجلية في مجتمعنا بعيدة كل البعد عنا ودخيلة علينا لتُلقي بكل ما تعلمانه وعلمناه بعيداً دون هوادة حاملةً معها كثيراً من مبادئنا وقيمنا الجميلة التي تربينا ونَشأنا عليها، والتي تعتبر عوناً ونبراساً ومنهجاً ورثناه ممن سبقونا. نشفق على أبنائنا، لا نريد أن يصبحوا في صراع داخلي بين بقايا هويتهم الحقيقية وبين عالم يتغير بالثواني، ولأنهم أمانة في أعناقنا وهم استمرارية لنا لابد أن نربطهم بمجتمعهم وموروثهم الثقافي المستقى من ديننا لنشعرهم بهويتهم ونبعدهم عن كل ما يشوه ذلك، ونغرس فيهم أننا في وطن نتفق فيه ونتشارك فيه بأشياء كثيرة لنا خصوصيتنا التي لابد أن نحافظ عليها، فنحن نملك كثيراً يكفي أي مجتمع منها القليل ليبني جيلاً ليس له نظير سُدنا العالم وعَرفنا الناس بهويتنا الإسلامية، نشرنا العلم والعدل حتى أصبحنا حلماً للجميع (العاقل مَنْ يعمل بما يؤمن به، والجاهل مَنْ يعمل بما يؤمن به الآخرون دون وعي أو إدراك لما يترتب على ذلك من نتائج).