وصف أحد المقيمين السوريين في المملكة والعائد للتو من سورية بأن الوضع هناك لا يطاق، وأن مدن سورية أصبحت مدن موت ومظاهرات، وقال المقيم الذي طلب عدم ذكر اسمه حفاظاً على حياة أبنائه الّذين لم يستطع إخراجهم من سورية في حديثه ل”الشرق” سافرت للاطمئنان على أهلي هناك، وعدت بعد أيام قليلة إلى المملكة رغم وضع أبنائي وزوجتي السيئ. وقال المقيم إن أول فصول الخوف “بدأت عند دخولي المنفذ الحدودي السوري، كنت وحيداً على هذا المنفذ وأثناء سيري على طريق درعا ودمشق أوقفني حاجز تفتيش للأمن، وعرفوا أنني قادم من المملكة بدأوا بتفتيشي وضربي واتهموني بدعم المتظاهرين، وأن المال الذي معي جلبته لدعم المتظاهرين وسرقوا مني أكثر من ستة آلاف دولار، ورشوا وجهى بمادة سائلة حتى أغمي علي، واستيقظت بعد فترة من الوقت ووجدت نفسي وحيداً، حاولت الإبلاغ عمَّا حصل معي لكن عبثاً ولم أجد من يستمع لي، ومررت بدرعا وحمص وحماة والمعرة التي كانت كلها مدناً للموت”. وحول المدن التي يصفها الإعلام بالآمنة مثل دمشق وحلب قال “ليس صحيحاً المظاهرات تخرج دائماً، إلا أن القمع وإطلاق النار ووجود الشبيحة يحد منها، وأي تجمع لا يمكنه الاستمرار لأكثر من دقائق، وحوادث الاختطاف والاغتصاب كثيرة، وأغلب العائلات أصبحت تمنع بناتها ونسائها من الخروج من المنازل”. امرأة هاربة من العنف وفي شهادة أخرى، تقول امرأة سورية لجأت للمملكة هرباً من العنف. وتحدثت ل”الشرق” من ساحة المسجد النبوي الشريف أن قوات النظام هددتها بالقتل عدة مرات بعد اعتقال ثلاثة من أشقائها، خلال ثلاثة أشهر بدون أية تهم، مضيفة بأن تكرار التهديدات لها وسوء ما شاهدته من اعتداءات وحشية على أشقائها أثناء زياراتها لهم بالمعتقلات دفعها للجوء إلى المملكة، ورفضت أن تلتقط “الشرق” صورة لها خشية بطش النظام، كما حدث لبعض صديقاتها. وروت مأساتها وهي تجهش بالبكاء لحالها وحال أشقائها، والوضع العام في سورية، حيث قالت “أخي أحمد عانى معاناة كبيرة في السجن، حيث بقي في المعتقل ستة أشهر، ومنها 15 يوماً بالسجن الانفرادي واقفاً مربوط الأيدي ومغطى العينين وبدون طعام أو شراب سوى القليل من المياه، وتعرض للضرب بالأقدام وبأعقاب البنادق، وعذب بكل وسائل التعذيب، منها الإيهام بالغرق، وتقطيع الأظافر، واستخدام كرسي الصعق الكهربائي، وأفرج عنه لتردي حالته الصحية، ورموه خارج المعتقل، وأصبح جثة تنبض بالروح تلعقها الكلاب الموجودة بالقرب من المعتقل، إلى أن أنقذه بعض المارة ومنهم من أفراد الجيش الحر”. وزادت في حديثها، بأن شقيقها الأكبر (في العقد الرابع من عمره ومتزوج من سعودية) كان يؤدي صلاته بمسجد الرفاعي بدمشق، وهاجمهم الشبيحة والأمن داخل المسجد، وألقي القبض عليه مع الآخرين وأودع أحد المعتقلات المكتظة، وتم التحقيق معه بسبب زواجه من سعودية، بأسئلة تضمنت أبرزها ( لماذا تتزوج من سعودية ؟ هل لأجل المال فقط ؟) وغيرها من الأسئلة الشخصية التي لا يصلح المكان لذكرها. وكانت تعرضت أثناء زيارته في السجن للتفتيش الجسدي الدقيق والإهانات والشتم، والتحرش الجنسي من أفراد جيش النظام، ما جعل تلك الزيارة الأولى والأخيرة للمعتقل، وبعد اجتيازها لجميع العوائق للاطمئنان على أخيها، وجدته ملطخاً بالدماء، وكتب بدمه على ظهره اسم الرئيس السوري “بشار”، وهو معصوب العينين بقميصه الملطخ بالدم، ومصاب بنزيف داخلي حاد. وقالت السيدة عن أخيها الآخر وهو في العقد الثاني من عمره “كان مع أصدقائه في حديقة في وسط دمشق وداهمتهم القوى الأمنية وتم تفتيشهم وحين وجدوا على جوالاتهم أغاني ضد الرئيس انهالوا عليهم بالضرب وسط الحديقة العامة، وأطلقوا عليهم النار، ما أدى إلى إصابة عدد منهم بجروح بالغة وقتل شخصين في الحال وسرقوا منهم كل ما يحملون من أموال، وتركوهم في المكان دون تدخل من أحد لإسعافهم أو نقل القتلى حتى ساعات المساء، حيث حضر عدد من شباب الثورة لمساعدتهم”.