بقي ملف غياب الطلاب والطالبات في الأيام التي تسبق الإجازات الرسمية من الملفات الشائكة التي لم تستطع إجراءات وخطط وزارة التربية والتعليم أن تغلقها حتى تنهي هذه الظاهرة التي وصفها تربويون بالخطيرة، حيث إنها تُربِك العملية التعليمية وتضرب بتوجيهات الوزارة عرض الحائط. وبرغم تأكيدات الوزارة وضوابطها التي أعلنتها لتعزيز انتظام الطلاب والحد من غيابهم، ومنها عقوبات رادعة تشمل المعلمين أو مديري المدارس إذا ثبت أن لهم علاقة بتزايد حالات الغياب، إلا أن الوضع استمر على ما هو عليه وخلت المدارس أمس الأول وما سبقه من أيام الأسبوع الماضي من طلابها وطالباتها، الأمر الذي أثار عديداً من موجات الاستفهام عبر مواقع التواصل الإلكتروني وجعل الاتهامات متبادلة بين أولياء الأمور والمعلمين في المدارس عن من يتحمل مسؤولية غياب الطلاب. «الشرق» فتحت ملف غياب الطلاب والطالبات واستطلعت آراء عدد من أولياء الأمور ورجال التربية والتعليم حول من يملك القدرة على إنهاء ظاهرة الغياب في هذه الأيام. في البداية، تحدث المعلم عبدالله أحمد الزهراني وقال إن ظاهرة الغياب في الأيام التي تسبق الإجازات ظاهرة خطيرة تحولت إلى ثقافة مجتمع جعلت أفراده يسمُّون هذه الأسابيع ب «الأيام الميتة»، وحول من يتحمل المسؤولية قال الزهراني إنها مشتركة بين المدرسة والمنزل والوزارة وجهاتها الإشرافية؛ فالمدرسة أصبحت تحفِّز الطلاب إلى الغياب بصورة مباشرة أو غير مباشرة لغياب الرقابة وعدم فاعلية الثواب والعقاب، والمنزل لم يعد يقوم بالدور المطلوب منه في التعاون مع المدرسة، وأنظمة الوزارة ولوائحها لم تفعَّل بالشكل المطلوب، والجهات الإشرافية التي تقوم برفع الإحصائيات للوزارة تفتقد المصداقية، وتقوم برفع بيانات غير حقيقية، كل ذلك كان سبباً مباشراً في انتشار هذه الظاهرة وتناميها إلى أن أصبحت ثقافة لدى المجتمع، بل إن بعض الطلاب وأولياء الأمور يرون الغياب حقاً مشروعاً للطالب. وانتقد محمد العتيبي «ولي أمر» نظام الوزارة لعدم قدرته على ضبط مثل هذه الأمور، كما اتهم المعلمين في المدارس بتصريف الطلاب والإيحاء لهم بالغياب في الأيام التي تسبق الإجازات، فغياب المعلم وتأخره الصباحي وعدم قيامه بالتدريس وعدم إجراء الاختبارات جميعها أمور تشجع الطالب على الغياب. وشدد على ضرورة ضبط دوام المعلمين والمعلمات في المدارس والتواصل مع الطلاب مباشرة لمعرفة ما يدور بينهم وبين معلميهم ومحاسبة كل من يثبت تقصيره في هذا الجانب لضمان القضاء على هذه الظاهرة. وطالب بتطبيق نظام البصمة لضبط حضور وانصراف المعلمين والمعلمات. من جهته، حمَّل المعلم خالد العصيمي إدارات التربية والتعليم ومكاتب التربية مسؤولية عدم تطبيق لوائح وأنظمة الوزارة الهادفة لتعزيز انتظام الطلاب، وقال إن البيانات التي ترفع للوزارة غير دقيقة، ومن المفترض أن تطلب الوزارة هذه الإحصائيات إلكترونياً من المدارس وتحمِّل مدير المدرسة مسؤولية الدقة في ذلك لتعلَم الوزارة إلى أين تتجه بنظامها التعليمي. وأضاف إن بعض أولياء الأمور يغضبون عندما تقوم المدرسة بالاتصال بهم للتأكيد على الحضور وعدم الغياب، وذلك لغياب التوعية اللازمة التي يجب أن توجَّه إلى المنزل. وفي مدارس البنات شهدت مدارس الطائف غياباً جماعياً خلال الثلاثة أيام الأخيرة بسبب عدم التزام بعض المدارس بجداول الاختبارات الموحدة التي وضعتها إدارة التربية والتعليم للمدارس الابتدائية وغياب المتابعة والرقابة من الجهات الإشرافية. وقالت المعلمة نورة المالكي إن مدرستها شهدت غياباً جماعياً منذ يوم الأحد الماضي، ولم تفلح آلية الحد من الغياب في تعزيز حضور الطالبات. فيما أكد عبيد الله الهذلي «ولي أمر» أن بعض المعلمات طلبن من الطالبات عدم الحضور. من جهته، أكد مدير الإعلام التربوي في «تعليم الطائف» عبدالله عيضة الزهراني أن المدارس تقوم بتطبيق لائحة المواظبة وهناك رصد يومي لحالات الغياب في المدارس من قبل المشرفين التربويين، وهناك تعليمات لمديري المدارس بتفعيل الجوال المدرسي والاتصال والتواصل مع أولياء الأمور. ولم يفصح الزهراني عن حالات الغياب الجماعي التي شهدتها مدارس محافظة الطائف الأسبوع الماضي.