نعيش بين قطبي اليأس والأمل، يتجاذباننا كل على درجة إيمانه بالله وثقته به. بعضنا تمر عليه أيام قد تسوّد بها الدنيا في عينيه، وقد يشعر وكأن لا باب للفرج بعدها، فتراه بائساً حزيناً رافعاً رايته البيضاء مستسلماً لهمومه وأحزانه، لا يُحرك ساكناً ولا يغيّر موضعاً متحركاً، قد سئم الحياة، ولربما فكر في إنهائها، وما أن تجتذبه روح الإيمان تجده يتدارك ما به من وساوس شيطانية بعد أن تيقن أن الله إن أحب شخصاً ابتلاه، فتراه يمد يده لله مستنجداً به متيقناً بحبه له ورغبته بسماع صوته مستعيناً به، كالغريق المتعلق بالقشة المرمية في طريقه وقد هداه تفكيره بأنها ستنقذه من غدر المياه، وفي الحقيقة أن القشة لن تنقذه، لكن اعتقاده بها أعطاه دفعة لمواصلة المسير فاستجمع قواه بلمحة بصر فظهرت مهاراته المكنونة بالسباحة لتصارع الأمواج فتنجيه. هكذا يصنع بنا حسن الظن بالله يُعطينا أملاً بأن القادم خير، فنبذل قصارى جهدنا منطلقين ساعين متوكلين على الله وكلنا رضا بما قسمه لنا نتقبل المتاح ونترقب الأفضل لأننا على يقين تام بما جاء بالحديث القدسي «أنا عند ظن عبدي».