يقولون للبحر إغواء، وبجيرته تظهر الأسرار، فما رأيكم؟ فرغم قوته وبطشه إلاّ إنك لن ترى أرق وأصدق منه في التعامل.. من أسمائه الغدار، وهو الوحيد الذي تعطيه ظهرك مستلقيًا مستسلمًا دون أن تشك لحظة بأنه سيشدك أبدًا للقاع.. رغم المجهول والظلمة فى داخله إلاّ أنها مدخل للكنوز والأسرار.. لا يكتفى البحر بلفظ بعض مكنوناته وأسراره على شواطئه إلاّ أن له جاذبيته وقدرته العجيبة بجعل المدينة تلفظ أنفاسها وأسرارها على شواطئه.. إن صادقت البحر لا بد أنه سيعلمك الكثير، وإن استجديته لن يخيّب ظنك وسيعطيك. يتهمونه بالجبروت، ولكنه السلاح ضد المتعدي للدخول بالحرم دون استئذان. يتهمونه بالقسوة وبلع الملايين ضد المجهول.. ولكنها قد تكون الرحمة لينقذ الملايين من قسوة المعلوم. رغم تقلباته وجزره ومده وثورته وهدره، ولكنه أبدًا لم يخرج من منظومة الحياة المعروفة. هل تعلم أين تكمن عظمة البحر، بأنك مهما كبرت تبقى صغيرًا بأحضانه، هو مدرس قاس ومعلم حنون.. هل تعلم قدسيته؟ هو كالقبر لا يقبلك بملابسك، ويطهرك من آثامك. بقى أن نقول إن رأيته بمنامك فهو يعنى العلم والسلطان وأسرار الحياة، ولكن يبقى أن تستفتي قلبك عن باقي التفاصيل.. أمنية.. ليتهم يجعلون للنساء شواطئ خاصة بهن، فما كانت لتشيخ امرأة، ولكن وقتها مَن سيتعلم الغدر ممّن يا ترى؟ أمّا لو تخصصت الشواطىء للرجال.. إذًا لشاخ البحر، وماتت الأسرار.. حكمة البحر إن لم يفقه قلبك حكمة الاتّجاهات فلا تبعد وقتها عن شواطىء البحر حتى لا تفقد بر الأمان. على الهامش يقولون إن مدن البحر لها أسرار ولعنات وبركات، وإن لأهلها صبرًا على المرارة، ولو احتسوا الملوحة يومًا بعد يوم، ولكن يبقى ذلك حتى حين! ألستم معى يا أهل جدة!! [email protected]