تناول الناقد عبدالرحمن المحسني في كتابه الجديد «توظيف التقنية في العمل الشعري .. شعراء الباحة أنموذجاً»، الصادر حديثاً من نادي الباحة الأدبي، تأثير التقنيات الجديدة على النص الشعري لدى شعراء منطقة الباحة. وذكر المحسني أن عصرنا الحديث شهد حركة نشطة متصلة من التقنيات التي لم تسهم في رفاهية الإنسان المعاصر وحسب، بل أمدته بمكونات جديدة للتجربة. والمتتبع لحركة النص الجديد في المملك من منتصف القرن ال14 الهجري إلى وقتنا، يرى أن النص الشعري يستجيب لتلك التداعيات بشكل لافت. وهي تقنيات تتيح آماداً جديدة أمام النص، بما يضيف إلى التجربة العربية أبعاداً على مستوى الدلالة والفنية.ورأى المحسني أن شعراء منطقة الباحة صورة صادقة للمنتج الإبداعي السعودي وتنوعه، وهم أنموذج صالح لدراسة عدد من الظواهر الأدبية في المملكة العربية السعودية. ولأن اتساع دائرة الأدب السعودي يقتضي عملاً بحثياً حفرياً لقراءة الظواهر المتجددة، يجد الباحث في هؤلاء الشعراء أنموذجاً حسناً لتنوع التجربة وسموها، مشيراً إلى اتساع أفق الرؤية لدى شعراء الباحة؛ فقلما تجد منهم الشاعر المغرق في التقليد الصرف، بل تجد أغلبهم يسير في موازنة واعية بين معطيات القصيدة العربية القديمة، وبين الاندفاع للتجديد إلى أقصى حدود الممكن، إضافة إلى تحرك كثير من شعرائها باتجاه مساقات إبداعية لخوض غمار التجريب، وتعميق الإفادة من وسائط التقنية المختلفة في صناعة النص الشعري.ومن المؤثرات التقنية التي تتناولها هذه الدراسة تقاطع النص الشعري مع تقنيات كالفوتوشوب (photo shop)، والإسكنر (scan)، والطابعة، والمحمول، والتلفاز، وصولاً إلى تقنيات أدائية كالشات (chat)، واليوتيوب (you tube)، والبطاقات الشعرية (poetry card)، لشعراء مثل عبدالرحمن العشماوي، وعلي الدميني، وصالح بن سعيد الزهراني، وحسن محمد الزهراني، ومحمد محسن الغامدي، وعبدالرحمن سابي، وشريفة الزهراني، وأسماء الزهراني، وغيرهم.وتهدف الدراسة إلى مقاربة وعي النص المعاصر، الذي لم يعد خاضعاً لتأثير الكلمة فقط، بل أصبح يقع تحت مؤثرات وسائط متعددة، كالصوت والصورة واللون، إضافة إلى الكلمة، مما يحسن بالناقد المعاصر أن يفطن إلى تأثيرها على عطاءات النص في عصر تتسارع التقنيات الحاملة للنص في التأثير عليه.يذكر أن الكتاب حكم من ثلاثة أساتذة في تونس ومصر والمملكة العربية السعودية، وفاز بالمركز الأول في جائزة الباحة الثقافية.