كشف تصريح أدلى به مصدر مسؤول بالدفاع المدني عن تدني معدلات إجراءات السلامة في المنازل إلى مستوى ينذر بالخطر، في وقت تشارك فيه المملكة اليوم الأحد العالم الاحتفاء باليوم العالمي للدفاع تحت شعار «الدفاع المدني والثقافة الأمنية لبناء مجتمع آمن». وقدّر مدير إدارة الإعلام والناطق الإعلامي للدفاع المدني العقيد عبدالله بن ثابت العرابي الحارثي أن عدد المنشآت السكنية المملوكة للأفراد التي تتوفر فيها أنظمة السلامة وأجهزة الإنذار ومكافحة الحريق في المنازل ب 5 إلى 10% من إجمالي المنشآت والمباني والمنازل على مستوى المملكة، وهو تصريح يكشف عن خلل في منظومة السلامة لا تكفي لمعالجته مجرد برامج توعية «شكلية» على غرار ما يبث في ذلك اليوم من فعاليات أثبتت، على مدى سنوات، أنها لم تؤت ثمارها، ما يجعلها في حاجة إلى مراجعة شاملة «مازالت مفقودة أو مؤجلة». وتحدث العقيد الحارثي عن خطة ينفذها الدفاع المدني على مدى شهر مارس الحالي، بمتابعة من مدير عام الدفاع المدني اللواء سليمان بن عبدالله العمرو، تتضمن مئات الأنشطة والفعاليات التوعوية والمعارض والزيارات الميدانية للمدارس والجامعات، وتوزيع عديد من الإصدارات والهدايا التوعوية التي تغطي كافة المخاطر في أماكن العمل ومنشآت القطاعين الحكومي والأهلي، والتي تهدف إلى بحث أفضل سبل نشر ثقافة السلامة على المستوى النظري والتطبيقي بين كافة فئات المجتمع، إلى جانب تخصيص عدد كبير من الفعاليات للطلاب تشمل عروضاً مسرحية توعوية وأنشطة إرشادية في إطار ترفيهي بالتعاون مع إدارة التربية والتعليم في جميع المدن والمحافظات، فضلاً عن عديد من الفعاليات الخاصة بالمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة بما يتناسب مع نوعية المخاطر التي تتعرض لها هذه الفئة سواء داخل المنزل أو في مؤسسات رعاية المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة. ولم يعرف على الفور، تكلفة هذه الفعاليات، ولا الأساس الذي بنيت عليه هذه الخطة التوعوية، وما إذا كانت بنيت على دراسة معمقة تثبت القيمة المضافة لها في عملية معالجة هذا الوضع الذي ينذر بالخطر، ويتسبب في خسائر مادية وبشرية فادحة. ووفقاً لتعداد المساكن المتاح من قبل مصلحة الإحصاءات العامة، والخاص بعام 1431، فإن إجمالي عدد المنازل بكافة أنواعها بلغ أربعة ملايين و 652 ألفاً و162 منزلاً، يرجح أن عددها زاد في السنوات التالية. ولكن لم تتح المصلحة قراءات حديثة لها. ووفقاً للنسبة التي أعلنها مدير العلاقات العامة بالدفاع المدني، فإن عدد المنازل التي لا تتوفر فيها وسائل للسلامة ضد الحريق تتراوح بين 90 – 95% من إجمالي المنازل أي بين 4186956 و 4419554 منزلاً وهو رقم يكشف عن حالة السلامة المتردية في مختلف المناطق. لكن الدفاع المدني لم يحدد على لسان مدير إدارة العلاقات العامة فيه نسبة تغطية شبكات الإطفاء والإنذار بالمنشآت الاقتصادية البالغ عددها 806 آلاف منشأة وإن كانت الأنظمة تفترض ذلك. ولعل هذا القول يتزامن مع ما كشفت عنه المديرية العامة للدفاع المدني قبل أيام بشأن إجمالي الخسائر المالية الناجمة عن حوادث الحريق خلال عام 1434ه والتي قدرتها بأكثر من 211 مليون ريال، بزيادة بلغت 80 مليون ريال بنسبة 60% تأسيساً على حجم الخسائر في العام السابق عليه والتي بلغت 131 مليون ريال خلال عام 1433 ه، ليصل الإجمالي إلى أكثر 342 مليون ريال في عامين فقط، فيما بلغت الوفيات خلال العامين الماضيين 285 وفاة، إضافة لأكثر من 3870 مصاباً بينهم عدد من رجال الدفاع المدني الذين تعرضوا للإصابة خلال مباشرتهم لنحو 89500 حريق. وتبدو تقديرات الدفاع المدني، غير دقيقة نسبياً، خاصة أنها لم تظهر الدلائل التي استندت عليها في هذا التقدير، حتى يصبح للنسبة المذكورة قيمة علمية موثوق منها. لكن في الوقت نفسه، تبدو عملية تجهيز المنازل بأجهزة الإطفاء عملية مكلفة ، نظراً لما تنطوي عليه من تنوع كبير في أجهزة الإطفاء المفروض توفرها والتي تتنوع بين طفايات ماء وطفايات رغوة وطفايات ثاني أكسيد الكربون، وطفايات المسحوق الجاف، وطفايات السوائل المتبخرة. كما أن تجهيز المنازل بشبكات للإنذار المبكر أمر مكلف ولا ينص عليه كشرط لمنح تراخيص المباني. وبالتالي لا تكفي حملات التوعية لمعالجة الحرائق التي زادت بهذه المعدلات الكبيرة، إذ يبدو الأمر بحاجة إلى حلول عملية تعالج هذه الإشكالية من منشَئِها، كأن يشترط على أصحاب المنازل تأمين شبكات إنذار ومعدات إطفاء في منازلهم، لتقليل الخطر المحتمل، قبل فوات الأوان، حيث لا تحتاج الحرائق إلى أكثر من دقائق معدودة حتى تلتهم محتويات المنزل أو تتسبب في حرق أو اختناق ساكنيه. ونسب إلى مدير عام الدفاع المدني اللواء سليمان بن عبد الله العمرو قوله إن خطة فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للدفاع المدني هذا العام تجسد حرص المملكة على المشاركة في هذه المناسبة الدولية والاستفادة منها في التعريف بجهاز الدفاع المدني السعودي وما يحظى به من دعم حكومة خادم الحرمين الشريفين والتي وفرت له كل الإمكانات والموارد من أجل تعزيز قدرة الجهاز لأداء مهامه الوطنية والإنسانية في الحفاظ على مكتسبات بلادنا المباركة وسلامة أبنائها والمقيمين فيها ، وتقديم الدعم للدول الشقيقة والصديقة في أوقات الكوارث والأزمات. ولاشك أن للتوعية أهمية في الحد من مخاطر الحريق، وربما هذا ما قصده اللواء العمرو حين ألمح إلى تنوع فعاليات الاحتفال وأن مديريات وإدارات الدفاع المدني في جميع مناطق المملكة ستشارك فيها من خلال معارض توعوية وندوات وورش عمل وزيارات ميدانية للمؤسسات التعليمية والأكاديمية والمدن الصناعية ومؤسسات القطاع الحكومي والأهلي ودور الرعاية الاجتماعية ومؤسسات العمل التطوعي والخيري بالإضافة إلى الأنشطة التوعوية عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي وتطبيقات الدفاع المدني عبر الأجهزة الذكية والتي تقدم كافة المعلومات والإرشادات عن مخالفات اشتراطات السلامة وما قد يترتب عليها من أخطار، ودور الفرد في توخي السلامة واتباع إجراءات وأنظمة السلامة في المكان الذي يوجد فيه والإبلاغ عن أي مخالفات أو تجاوزات تخل بفاعلية هذه الأنظمة أو تحول دون الاستفادة منها في حالات الطوارئ. ولن يكتفي الدفاع المدني بذلك، بل حرص على إيصال الرسائل التوعوية إلى النساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة. وبالتالي حين يخصص الدفاع المدني ميزانية ضخمة للتوعية، عبر وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ووسائل النشر الإلكتروني وإطلاق قناة خاصة بالفعاليات على موقع يوتيوب وموقع التواصل الاجتماعي بالإضافة إلى موقع المديرية العامة للدفاع المدني على شبكة الإنترنت والفعاليات المختلفة التي سينظمها، هو يعلم سلفاً أن هذا لا يكفي بل يتطلب الأمر إلزاماً لأصحاب المنازل بتجهيز منازلهم بهذه المعدات.