كنا قد تحدثنا في مقالات سابقة عن لائحة الأندية الأدبية المعمول بها حاليا، وأوضحنا ما ظهر فيها من عوار بعد تطبيقها الميداني، مما حدا بالوزارة إلى تشكيل لجنة لتعديل اللائحة بناء على ما وصل إليها من ملاحظات المثقفين ومجالس إدارات الأندية الأدبية المعينة، وقد اجتهدت لجنة التعديلات وأنهت أعمالها في اللائحة المعدلة التي تم نشرها في موقع وكالة الوزارة للشؤون الثقافية تحت مسمى مشروع اللائحة التنفيذية للأندية الأدبية، هذا الموقع الذي تلقى ملاحظات الأدباء والمثقفين المهتمين بأمر اللائحة، مما دعا الوزارة إلى تشكيل لجنة أخرى لتصحيح التعديلات بما يتوافق مع متطلبات الأدباء والمثقفين. في الأسبوع الماضي ختم عضو الجمعية العمومية في أدبي جازان الشاعر موسى عقيل مقالاته الأربع التي وجهها للجنة تعديل لائحة الأندية الأدبية التي تواصل اجتماعاتها في هذه الفترة من أجل إنجاز لائحة دستورية تصلح لكل زمان ومكان؛ حيث ركز في مقالاته على أهم المواد المعدلة التي ذهبت قيمتها الديمقراطية بسبب بعض الإضافات التي تمكن الوزارة من السيطرة على الأندية الأدبية وسلب الصلاحيات التي كانت تتمتع بها مجالس الإدارات وجمعياتها العمومية، مشيرا إلى أن تلك التعديلات تجعل استقلالية الأندية الأدبية ضرباً من الوهم في ظل ما تنزعه التعديلات الجديدة من صلاحيات كانت للأندية؛ لتمنحها للوزارة وتجعلها صاحبة السلطة والقرار في الأندية. وكذلك أشار إلى أن الجمعيات العمومية أصبحت وهماً في ظل سحب صلاحياتها، على الرغم من مطالبة المثقفين بأن تكون الجمعيات العمومية مستقلة وتتمتع برئيس مستقل، وأن يتفرغ مجلس إدارة النادي لمتابعة تنفيذ الأعمال المنوط بهم تنفيذها، وتقرّها الجمعية العمومية في اجتماعها العادي في بداية كل عام، وأشار أيضا إلى استمارة العضوية التي تتطلب عشرين نقطة للحصول على العضوية، وهي نقاط يستطيع الحصول عليها العضو بكل سهولة قد أوضحها في مقالته، مما يجعل الجمعيات العمومية تحفل بأعداد كبيرة معظمهم ليس له علاقة بالأدب والثقافة، أو كما أسميناهم من قبل (صديق أديب) أو جماعة الفزعة الذين شوهوا الجمعيات العمومية في الأندية الأدبية في الانتخابات الأولى، بينما كنا نطالب فيما مضى أن يكون الإصدار الأدبي أحد أهم شروط العضوية، حتى لا يدخل جمعيات الأندية الأدبية مَن ليس مِن الأدباء، ولم يتعرض في مقالاته للنواحي المالية، بينما هناك أصوات كثير من الأدباء تنادي بجعل العمل في الأندية الأدبية عملاً تطوعياً كما هو في الأصل؛ لأنه من وجهة نظرهم أن البلبلة التي حصلت والاقتحامات والارتباكات بعد الانتخابات كانت بسبب المال، ويرون أنه إذا كانت هناك مكافأة فتكون رمزية للجلسات فقط. في فندق الإنتركونتننتال بالرياض قابلت عدداً من الأدباء والمثقفين وبعض المعنيين بلجنة تعديل اللائحة الأدبية، كانت الحوارات في معظمها تؤكد أن لا خلاف بين الأدباء والمثقفين وأنديتهم الأدبية ولكن الخلاف بينهم وبين الوزارة التي اعتمدت لائحة الأندية الأدبية بشكل لا يتوافق ومتطلباتهم، بل إن بعض موادها تعيدنا إلى المربع الأول، وتهمش صلاحيات الجمعيات العمومية ومجالس الإدارات عندما يعاد كل شيء في اللائحة إلى الوزارة. تحدثت مع الدكتور حسن الحازمي وكيل جامعة جازان وأحد أعضاء اللجنة حول مقالات موسى عقيل الذي وضع النقط على الحروف في رسالته التي وجهها إلى اللجنة بغرض تسليط الضوء على مواد اللائحة التي تسببت في البلبلة منذ ثلاث سنوات، ومازالت مستمرة، وذكر أنه أخذ كل المقالات، وسيتم الاستفادة منها ومن كل الأقلام التي تكتب انتقاداتها لمواد اللائحة. ذكر بعضهم أن الوزارة لديها النية عند تعديل اللائحة الأدبية التي نحن بصدد الحديث عنها الآن في تقسيم أعضاء مجلس الإدارة إلى قسمين الأول بالتعيين والثاني بالانتخاب، مستندين في ذلك إلى فشل الانتخابات في المرحلة الأولى، وكلنا يعرف أسباب الفشل الظاهرة والباطنة، ولا نريد العودة إليها أو الخوض فيها، لكن اللائحة الجديدة المعدلة ستضع المثقفين في حرج وبلبلة لأربع سنوات مقبلة، إذا استمر هذا العوار الواضح في موادها، دون الرجوع إليها وتصحيح مسارها. الانتخابات أحد أهم بنود اللائحة المخرومة، على الرغم من ذلك إلا أن جمهور الأدباء والمثقفين لا يمكن أن يتنازلوا عن الانتخابات؛ فهي خطوة متقدمة، ولا يمكن التراجع عنها بأي حال من الأحوال؛ فالتنازل أو الرجوع عنها انتكاسة لمشروع ديمقراطي مهم جدا في هذه المرحلة، وكل ما نريده هو تكريس ثقافة الانتخابات النزيهة الحرة، وأن يبتعد الناخبون عن منح الأصوات المجانية لأصحابهم وأصدقائهم، فالانتخاب يجب أن يكون مبنياً على أسس منهجية ومشاريع انتخابية مقدمة من المرشحين أنفسهم، وجعل التنافس بين هذه المشاريع المقدمة هو الفيصل في منح الأصوات لمن يستحق.