اعتمد وزير الشؤون الخارجية المغربي، سعدالدين العثماني استراتيجية جديدة، في التعامل مع القضايا التي يطرحها الاتحاد الإفريقي، تمثلت في الانتقال “شحما ولحما”، لحضور أعمال القمة الإفريقية التي تحتضنها أديس أبابا عاصمة إثيوبيا، في غياب ملك ملوك إفريقيا القذافي، الذي كان المحتضن الرئيسي للاتحاد، فيما كانت الدبلوماسية المغربية، تكتفي بسماع الأصداء أو التقارير الاستخباراتية، من موقع اجتماعات الاتحاد الإفريقي. ويشارك في القمة أقطاب وزعماء ورؤساء بلدان إفريقية، بمن فيهم رؤساء دول موجودة على الورق فقط ، كما هو حال زعيم البوليساريو الذي يبدو أنه لم يتوقع هذا الإنزال الدبلوماسي المغربي، خاصة أن التقارير الواردة من العاصمة الإثيوبية، تقول إن العثماني يقوم بنشاط مكثف، من خلال الاجتماعات التي يعقدها مع رؤساء وقادة بلدان تشارك في القمة، غير بعيد عن إقامة زعيم البوليساريو. ونجح وزير الخارجية المغربي بوجوده في أديس أبابا في عقد اجتماعات مع قادة كل من إثيوبيا والكونغو وغينيا الاستوائية، وبوركينا فاسو وكينيا، وجيبوتي، وهي الاجتماعات التي وصفت بالمثمرة. وقالت مصادر مطلعة ل”الشرق” إن وجود العثماني في أديس ابابا، يشكل إشارة على أن المغرب مستعد للعودة إلى هذا التجمع الإفريقي، استجابة لطلب العديد من الدول التي تضغط في هذا الاتجاه، بدليل ما قاله الرئيس التونسي المنصف المرزوقي في افتتاح القمة من أن الاتحاد لا يمكنه الاستغناء عن بلد مثل المغرب. واستطاع الوزير المغربي، كطبيب نفساني، لعب دور أساسي، في هذا الاختيار، لأنه يعرف وقع الصدمة والارتباك الذي تحدثه الزيارة، خاصة أن المغرب ظل على مدار ثلاثة عقود، غائباً عن المحيط الذي تدور فيه اجتماعات منظمة الوحدة الإفريقية، قبل أن تتحول التسمية إلى الاتحاد الإفريقي، بعدما انسحب منها بقرار من الملك الراحل الحسن الثاني، على خلفية اعتراف بعض الدول الأعضاء بالبوليساريو، بدعم من الجزائر وليبيا. وينتمي العثماني لحزب العدالة والتنمية الإسلامي، الذي يقود الحكومة الثلاثين في المغرب، وبدأ مساره وزيراً للخارجية بقوة، بحسب المراقبين، حيث عقد قبل أيام اجتماعاً مع السفراء والدبلوماسيين الأفارقة المعتمدين في المغرب، شرح فيه السياسة المغربية الجديدة، تجاه القارة السمراء، والخطوات المزمع اتباعها لتكريس التقارب، وتقوية أواصر التعاون على مختلف المجالات، قبل أن يتحول إلى الجزائر، في خطوة عدّها المحللون، أكثر من جريئة، كونها ستذيب الجليد بين البلدين الجارين.