يقول الله تعالى «ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين». ولكن لماذا كان الصدق نجاة والكذب مهلكة؟ هذا ما ترويه هذه القصة؛ فقد عهد أهل قرية إلى راعٍ لهم رعاية الغنم، حتى كان اليوم الذي سمع أهل القرية النداء أن قطيعاً من الذئاب يطوق قطيع الغنم، هلمّ ياقوم أنجدوني؟ سارع أهل القرية بعصيهم وسلاحهم ركضاً ليتفاجؤوا بالراعي وقد أمسك بطنه من الضحك يقهقه ويقول أردت اختباركم. حسناً أنتم قوم جديون. ياقوم ليس من ذئب. ولكن أردت المزاح معكم! هز القوم رؤوسهم عجباً منه وكيف صدقوه، وسقطت الثقة به إلى القاع. مرت الأيام حتى كاد القوم أن ينسوا القصة ولكن صراخاً شديداً تعالى من جنبات الوادي: ياقوم ياقوم الذئاب هجمت أنجدوني أرجوكم النجدة. انقسم أهل القرية ثلاثاً، منهم من قال غلطة السكران على الصاحي والكذاب على الصادق. وقسم قالوا العادة تتشكل من مرة واحدة فهو كذاب أشر. وقسم ثالث قالوا ننتظر ونرى لعله هذه المرة صدق ولم يمزح. وصل الفريق الأول ولم يصدق ما يرى فقد كان الراعي يضحك من جديد ويقول لقد أردت فقط اختبار عزيمتكم إنها (درل Drill) تجربة لاختباركم.. ها.. ها واستمر في الضحك. همّ البعض في توبيخه أو ضربه، ولكن الناس قالوا إنه كذاب لا فائدة منه احذروه للمستقبل. مرت الأيام وطالت، حتى كان يوم صيف معتدل وقد سرح الراعي بالغنم. هذا المرة كان قطيع شرس من الذئاب الجائعة فعلاً تطوق أغنام أهل القرية، وتبدأ بتقطيع لحم الخرفان المرتاعة التي تشرد في كل زاوية. كان صراخ الراعي هذه المرة أشد من كل مرة وهو يصرخ ويستغيث وما من مغيث. لم يكن ثمة إلا صدى صوته يتردد في جنبات الوادي. سمع البعض من الفلاحين هزيم رعد صوته قالوا بصوت واحد إنه كذاب لا تصدقوه. انجلى النهار وجاء الليل وكان قطيع الخرفان قد أصبح ملحمة في أفواه الذئاب الجياع والراعي الكذاب ممزق الثوب حافي الأقدام مرتاع الشكل، يرجع ببعض من الخرفان المنهوشة ويقول ياقوم لقد جاءت الذئاب فلمَ لم تأتوا؟ كان القوم ينظرون له بازدراء وابتسامة إنك الراعي الكذاب لا فائدة منك استبدلوه بآخر صادق بعد العقوبة. لقد أنذر نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم قومه وكان يقول لهم: لو أخبرتكم أن خيلاً ببطن الوادي تريد غزوكم هل أنتم مصدقي؟ أجاب القوم لم نعهد عليك كذباً. قال نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم فإني لكم نذير بين يدي عذاب شديد.