يعرض «بيت الخير» الخاص بالمنطقة الشرقية، في المهرجان الوطني للتراث والثقافة «جنادرية 29» عدداً من المهن الخاصة بتراث المنطقة، ومنها مهنة الطواش، كون المنطقة ساحلية، يعمل بعض سكانها في صيد اللؤلؤ. والطواش مصطلح محلي أطلقه عرب الخليج على تاجر اللؤلؤ الذي يقوم بالتنقل والسفر والتطواف على سفن الغوص وهي في مواقع الصيد، أو بين نواخذة الغوص بعد عودتهم، للبحث عن اللؤلؤ وشراء ما ينتقيه منه بالثمن الذي يرغب فيه. وأوضح الطواش سلامة السلطان، أن على كل من يقوم بهذه المهنة أن يكون عالماً بأوزان اللؤلؤ وتقدير أثمانه، إلى جانب معرفته بأسعار اللؤلؤ في السوق المركزي أولاً بأول، ولا يلزم أن يكون متعلماً، إنما يكفيه أن يكون ملماً بالمسائل الحسابية التي تعتمد على الذكاء والفطنة. وقال إن مهنة «الطواشة» تشابه رحلة الغوص من حيث اشتمالهما على السفر والتنقل البحري، إلا أنه في الأولى توجد الحرية وشيء من الترف المعيشي، كما لا يوجد فيها غوص تحت الماء، إذ إن ذلك من مهمة الغواصين، والطواش يعدُّ رئيس فريق العمل الذي معه في السفينة التي يتنقل بها، وهو المسؤول عن بدء السفر وانتهائه، وتحديد المدة التي يمكث فيها خلال هذا السفر. وأضاف إن الطواش يعدُّ تاجر لؤلؤ من الدرجة الثانية، نظراً لعدم امتلاكه رأس مال كبيراً من ناحية، ولعدم قدرته على شراء كافة اللؤلؤ الموجود لدى سفن الغوص من جهة أخرى، ومن ناحية ثالثة قد لا يستطيع شراء لؤلؤة كبيرة مثل «الدانة» أو «الحصباة» إذا عرضت بثمن مرتفع، لهذه الأسباب يصنف الطواش على أنه من التجار الصغار. وبيَّن أن «الطواش» كان يحتل مركزاً اجتماعياً واقتصادياً مشهوراً، مما جعل بعض الأسر والعوائل في وقت سابق، ترحِّب بتزويج بناتها من طبقات معينة في المجتمع كالنواخذة والطواويش والتجار، بل إن الطواش يعدُّ أحد رجالات الحاكم، والقاضي في الإمارة يندبه لإبرام العقود وإجراء المصالحات في خصومات الجماعات المتنازعة. ويعرض «بيت الخير» مع هذه المهنة للزوار نماذج من اللؤلؤ وكذلك أدوات الوزن ويتم الشرح للزوار عن عمليات البيع والشراء وكيفية معرفة أنواع اللؤلؤ. وتوافدت آلاف العائلات على «بيت الخير» متجولين بين أركانه المتنوعة، للاطلاع على تاريخ وتراث المنطقة الشرقية. وواصلت عدد من الجامعات والجمعيات المشاركة في «بيت الخير» تقديم الجوائز والهدايا للزوار في الفعاليات المسائية، بينما تقدم الفرق الشعبية ألواناً تراثية على المسرح المفتوح. وقدم الوفد النسائي المشارك في «بيت الخير» برامج أسرية متنوعة في البيت التقليدي المخصص للنساء فقط، كما عرَّفوا الزوار على العادات والتقاليد العريقة في المنطقة. وحازت منتجات الأسر المنتجة إعجاب الزوار بما تقدم من المشغولات والأكلات الشعبية. وجاء موقع الركن في الساحة المفتوحة بالقرب من البيئة الزراعية، ليؤكد التنوع الذي حظي به البيت لنقل تراث وتاريخ المنطقة وبيئاتها. كما حاز ركن النحت على الرمال إعجاب زوار البيت، ويقوم على هذا الركن الفنان عبدالوهاب الفرحان، الذي يعرض مهاراته في تشكيل عدد من الزخارف والمجسمات بتفاصيل دقيقة أمام الزوار. وقال الفرحان إنه بدأ هذه الحرفة منذ الصغر، حيث حول الفن التشكيلي والرسم من الورق إلى الرمال، موضحاً أنه يعتمد في النحت على الرمال على الرمل البحري، مشيراً إلى أن هذا النوع من الرمل هو الوحيد القابل للنحت بعد إضافة كمية معينة من المياه. وأشار الفرحان إلى أن النحت على الرمال يعدُّ من الفنون المميزة التي تستهوي عديداً من الزوار والمتابعين لما تجسده من فنون إيحاءات حسب رغبة الفنان. وبين أنه ركَّز عمله في «بيت الخير» على نحت بعض المجسمات التراثية من المنطقة الشرقية، التي تتناسب مع مهرجان «الجنادرية» لإحياء التراث. وعن الأدوات المستخدمة، أوضح أن هذه المهنة لا تحتاج إلى أدوات معقدة ويمكن استخدام الأدوات المتوفرة بسهولة، ولكن تتطلب التركيز العالي والإلمام بطرق الرسم والفن التشكيلي. وتأتي هذه المشاركة لتعزز من أهمية ما تتمتع به المنطقة الشرقية من شواطئ رملية مميزة يمكن من خلالها تنمية مواهب زوار المنطقة وأهلها لتعلم هذا الفن والقدرة على الاستمتاع بمثل هذه الفعالية المميزة. من جانب آخر، زار رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، محمد الشريف، «بيت الخير» ووصفه بالبيت الذي جسد التاريخ العريق للمنطقة الشرقية. وقال: وجدت التاريخ مجسداً في هذا البيت ويحكي التراث بكل معانيه وتفاصيله، مضيفاً إن البيت استطاع أن يجسد التاريخ قبل توحيد المملكة وأثناءه وبعده. وشملت الزيارة المدرسة الأميرية وسوق القيصرية وبيت البيعة والمسرح والمقهى الشعبي وجسر الملك فهد وعدداً من الأركان المشاركة.