يقول المبعوث الأممي- العربي، الأخضر الإبراهيمي، في وثيقته التي طرحها لتكون قاعدةً تُبنَى عليها مفاوضات السلام في سوريا إن «تأسيس هيئة الحكم الانتقالي» و«مكافحة الإرهاب» عنوانان لا يتعارضان مع بعضهما بعضاً، بمعنى أن تأسيس الحكم الانتقالي سيقود إلى تقليل معدلات العنف ثم إنهائه بل والتعاون في مكافحة الإرهاب، في الوقت نفسه فإن التقدم في مجال إنهاء العنف ومكافحة الإرهاب من شأنه أن يخلق أجواء تتحقق فيها التوافقات المطلوبة بخصوص الحكم الانتقالي. ويحاول الأخضر الإبراهيمي من خلال طرح هذه الرؤية إقناع طرفي «جنيف2-» بأنه لا داعي لإهدار الوقت في الاختلاف حول ترتيب جدول أعمال المباحثات وأنه يمكن الحديث حول الموضوعين بالتوازي. ومن المعروف أن وفد الأسد إلى جنيف يحاول تقديم موضوع «مكافحة الإرهاب» على موضوع تأسيس هيئة الحكم الانتقالية الوارد في بيان «جنيف1-»، فيما تسعى المعارضة إلى فتح ملف الحكم الانتقالي باعتباره الممهد لسوريا جديدة دون نظام الأسد. لكن وثيقة الإبراهيمي، وإن تحدثت صراحةً عن الحكم الانتقالي باعتباره عنوانا رئيسا في المباحثات، تبدو «محافظة» ويمكن اعتبارها محاولة «أممية» لإيجاد صيغة حل سياسي ينال رضا الروس بالحفاظ على جوهر النظام القائم في سوريا وإن تغيرت الوجوه. لم تتطرق الوثيقة إلى ثورة الشعب السوري وإرادة التغيير التي عبر عنها مراراً وتكراراً، في المقابل فإنها اهتمت بموضوعي الحفاظ على مؤسسات الدولة وحفظ حق الأقليات في التمثيل السياسي، وهما مطلبان تركز عليهما موسكو. ولا تنكر المعارضة السورية حق الأقليات في المشاركة السياسية، وهي تسعى إلى مجتمع سوري يغيب عنه التمييز وتسوده قيم المساواة ودولة مؤسسات لا ميليشيات، لكن في الوقت نفسه ينبغي على المجتمع الدولي الاعتراف بإرادة التغيير وبأجندة الثورة، أما استخدام جمل وعبارات «متحفظة» فسيمنح وفد الأسد فرصاً جديدة للمماطلة.