تبدأ الجولة الثانية من المفاوضات بين وفدي النظام السوري و»الائتلاف الوطني السوري» المعارض في جنيف اليوم وسط توافر معلومات عن «تكتيكات جديدة» سيتبعها كل جانب بين موافقة النظام البحث في الهيئة الانتقالية «تحت سقف الدستور الحالي» وربط نتائج المفاوضات ب «استفتاء شعبي» وطرح المعارضة موضوع «المسؤولية عن العنف والإحالة على محكمة الجنايات الدولية» واتهام النظام ب «التحالف» مع تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش). ولم يطرأ تغيير كبير على أعضاء الوفدين، بعد فشل وساطة مصرية - فرنسية في التقريب بين رئيسي «الائتلاف» احمد الجربا و»هيئة التنسيق للتغيير الديموقرطي» حسن عبدالعظيم في القاهرة في اليومين الماضيين. وانتهت الجولة الأولى من المفاوضات من دون تحقيق اي تقدم ملموس، حيث تجنب الوفد الحكومي الخوض جدياً في تشكيل هيئة الحكم الانتقالية، مقترحاً البدء بمناقشة «مكافحة الإرهاب». وقبل لاحقاً مناقشة بيان جنيف الأول، وفق التسلسل بنداً بعد بند. ولاحظت المصادر بدء حديث مسؤولين سوريين عن هيئة الحكم الانتقالية، اذ نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن وزير الإعلام عمران الزعبي قوله: «لدينا فهمنا في ما يتعلق بهيئة الحكم الانتقالي الواردة في بيان جنيف، ومنفتحون على النقاش إذا أراد الطرف الآخر أن يكون طرفاً في عملية سياسية ديموقراطية تعددية ومشاركاً في عملية إعادة بناء الدولة وتطويرها، وليس لدينا أمر يكون النقاش حوله محرماً». كما أن رئيس الوفد المفاوض السفير بشار الجعفري قال: «أي دولة في العالم فيها هيئة حكم انتقالية أو دائمة بغض النظر عن تسميتها، سواء حكومة أو حكومة موسعة أو هيئة حكم، فإن أي فراغ دستوري سيخلق المشاكل ولا يمكن السير في مرحلة انتقالية بوجود فراغ دستوري. لذلك سيكون الدستور الحالي هو دستور المرحلة الانتقالية حتى الوصول إلى الانتخابات وإلى أي دستور آخر». وأوضحت مصادر ديبلوماسية غربية أن موسكو مارست ضغوطاً على دمشق لقبول التفاوض حول هيئة الحكم الانتقالية الواردة في بيان جنيف الأول. لكنها أشارت الى ان دمشق لاتزال تتمسك بفهمها لهذه الهيئة، بحيث ترمي الى تحقيق ثلاثة أهداف: الإعداد لإجراء انتخابات رئاسية وفق الدستور الراهن وترشيح الرئيس بشار الأسد نفسه في الانتخابات مع مرشحين آخرين. ولوحظ بدء طلي مداخل المحال بألوان العلم الرسمي وخروج مسيرات تأييد لترشيح الأسد. ثانياً، التوصل إلى اتفاقات محلية لوقف إطلاق النار في مناطق مختلفة في البلاد. ثالثاً، محاربة الإرهاب ووقف تمويله وفق آليات. ونقلت «سانا» عن الزعبي ان وفد الحكومة «مخول بالنقاش والحوار في كل القضايا والمواضيع، لكن قرار قبول ما ينشأ عن جنيف إذا نتج منه أي شيء فإن الإرادة الشعبية في سورية هي من ستحكم عليه عبر الاستفتاء الشعبي العام». في المقابل، أعد «الائتلاف» خطة إعلامية وتفاوضية جديدة تقوم على «الدخول إلى مربع مناقشة وقف العنف ومكافحة الإرهاب» بعدما رفض مناقشة ثلاث أوراق تقدم بها الوفد الحكومي في الجولة السابقة. وأوضحت المصادر أن الوفد سيقدم «معلوماته عن علاقة النظام ب «داعش» وسيطلب وقف القصف ورفع الحصار وفتح ممرات لدخول المساعدات الإنسانية باعتبارها واردة في بيان جنيف الأول وليست أموراً تفاوضية». وأفادت المصادر بإعداد ملف بالمسؤولية عن الجرائم والإحالة على محكمة الجنايات الدولية، اضافة الى «الإصرار على الدخول فوراً في مناقشة هيئة الحكم الانتقالية»، مدعومة ب «خطة إعلامية شارك فيها خبراء مستقلون». وكانت موسكو اقترحت تشكيل لجان لبحث الأمور الواردة في بيان جنيف الأول. وقالت المصادر ان احد الخيارات عقد اجتماعات متوازية للجان فنية تتناول الملفين الإنساني والسياسي ووقف إطلاق النار، برعاية المبعوث الدولي - العربي الأخضر الإبراهيمي. الى ذلك، قالت مصادر المعارضة ان محادثات الجربا وعبدالعظيم اول امس في القاهرة لم تسفر عن نتيجة، رغم وساطة وزير الخارجية المصري نبيل فهمي والجانب الفرنسي. وأظهرت محادثات الجربا وعبدالعظيم مساء الخميس، وجود فجوة عميقة بين الطرفين. وقالت المصادر إن عبدالعظيم «سحب» في اللقاء تصريحات أدلى بها مسؤول «هيئة التنسيق في المهجر» هيثم مناع رفض فيها المشاركة في المفاوضات واعتباره توسيع الوفد عملية «ترقيع بالية»، لكنه (عبدالعظيم) بقي متمسكاً بتشكيل وفد باسم المعارضة بعد عقد لقاء تشاوري في العاصمة المصرية في منتصف الشهر الجاري. وأشار إلى أن «هيئة التنسيق» طلبت من الإبراهيمي والراعيين الأميركي والروسي تأجيل الجولة الثانية من المحادثات أو أن يطلب وفد «الائتلاف» تعليق الجولة بعد انطلاقها اليوم. في المقابل، تمسك الجربا بأن «الائتلاف» بات معترَفاً به من قبل عدد كبير من الدول في العالم باعتباره ممثلاً للشعب السوري ويمثل أوسع طيف من المعارضة والقوى العسكرية على الأرض وأنه أظهر تماسكاً في مؤتمر مونترو وجولة المفاوضات الأولى في جنيف، إضافة إلى أن رسالة الدعوة من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وجهت إلى «الائتلاف» لتشكيل الوفد المعارض وقيادته. وقالت المصادر إن «الائتلاف» اقترح على عبدالعظيم الموافقة على ورقة تشكل ارضية - ثوابت للموقف المشترك خلال المفاوضات مع وفد النظام، تقوم على أساس المطالبة بالتنفيذ الكامل لبيان جنيف الأول وتشكيل هيئة حكم انتقالية وضم عضوين أو ثلاثة إلى وفد المعارضة، ذلك بعد اقتراح «هيئة التنسيق» مناقشة بيان جنيف «سلة واحدة»، بما فيها وقف العنف وإطلاق النار وإعادة تشكيل «وفد المعارضة السورية» بعد مؤتمر تشاوري. وقالت المصادر ان ممثلي «هيئة التنسيق» لم يحضروا موعداً كان من المقرر له اول أمس لاستكمال سبع ساعات من المحادثات والتوقيع على «وثيقة القاهرة»، في حين أعلنت «هيئة التنسيق» في بيان أنها متمسكة ب «ضرورة التزام إعلان «جنيف1» والمشاركة التمثيلية الوازنة والمقنعة في وفد المعارضة السورية وفق نقاط التوافق السياسية بين مختلف القوى الوطنية الديموقراطية»، مشيرة إلى أنها «علقت» الحوار مع «الائتلاف» إلى حين إعلان موقفه من الوثيقتين السياسية والتنظيمية المقترحتين عليه.