برزت طوال الأسبوع الماضي عدة أصوات استنكار واستهجان في وسائل الإعلام المحلية ومواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي مطالبة بالتحقيق ومعاقبة أفراد الأمن الذين سرَّبوا مقطعاً مصوراً لهم وهم في عربة عسكرية مصفحة تجوب شوارع بلدة العوامية في محافظة القطيف شرق المملكة، ويطلقون تعليقات طائفية وكلمات تمس أعراض المجتمع. ردة الفعل التي جاءت من شخصيات قانونية ودينية وثقافية ومن أطياف مختلفة من المجتمع السعودي ونشرتها وتداولتها الصحافة المحلية تشير إلى حجم المخالفة التي وقع فيها هؤلاء الأفراد، وإلى التجاوز الذي يعبر عن سلوك غير منضبط ويتنافى مع التعليمات الرسمية والسلوك النظامي. فقد وصف المستشار القضائي الخاص الشيخ صالح سعد اللحيدان، هذا العمل بأنه «اختراق جريء للعملية الأمنية»، بينما قال المحامي مشعل الشريف «إن هذا التصرف مرفوض وخاطئ، ويوجه لأصحابه تهماً منها إساءة استخدام السلطة، عبر التصوير والشتم والتلفظ»، وذلك حسب تصريحات نشرتها صحيفة «الحياة». تنص فقرات المادة 59 من نظام خدمة الأفراد على أن يعمل دون إهمال على تطبيق النظام واللوائح المعمول بها وتنفيذها وتحاشي أي مخالفة أو خرق لها (فقرة أ)، كما يجب على الفرد أن يراعي آداب اللياقة وحسن الأخلاق في تصرفاته مع رؤسائه وزملائه ومرؤوسيه وأفراد الشعب (فقرة د)، وأن يحافظ على الانضباط العسكري وحسن السلوك والقيافة، وأن يكون مثلاً أعلى لذلك (فقرة و). ترد بين فترة وأخرى شكاوى مختلفة عن تجاوز بعض الأفراد مسؤولياتهم، من خلال ممارسة أفعال أو سلوكيات غير مقبولة. وهذا يعني أن مثل هذه الممارسات تتكرر من قِبل بعض الأفراد الذين يتجاوزون صلاحياتهم النظامية. إن مهمة رجال الأمن هي الحفاظ على أمن الوطن والمواطن وضمان الاستقرار وعدم العبث والتجاوز، وذلك كله يتم ضمن محددات قانونية ونظامية وأخلاقية تضمن عدم الاعتداء على المواطنين لفظاً أو عملاً أو سلوكاً. الصحافة ووسائل الإعلام تنشر بصورة يومية إجراءات المحاكمات، بينما لا يشار أبداً إلى أي إجراء بخصوص التحقيق مع العسكريين وأفراد الأمن الذين يقومون بمخالفات نظامية، وهو عمل في حال وجوده يعطي المواطن اطمئناناً لنزاهة وسلامة الإجراءات وثقة أكبر في دور رجال الأمن. قد يمثل هذا المسلك تصرفاً فردياً مستهجناً، لكن السكوت عنه وعدم معالجته يفاقم المشكلة ويجعل منه ممارسة معتادة ومقبولة، وبالتالي فهو يهدد سلامة واستقرار العلاقة بين المواطنين ومن يحميهم.