أعربت أوساط سياسية وعسكرية إسرائيلية عن «غضبها» على السلطة الفلسطينية لتوجهها إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي بطلب التحقيق مع سياسيين وضباط إسرائيليين بارتكاب جرائم حرب خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، ولضغطها على الاتحاد الأوروبي في اتجاه عدم رفع مستوى علاقاته مع إسرائيل. وهدّد مصدر سياسي كبير السلطة بأنها «ستدفع ثمن» هذا السلوك إذا لم تكف عنه فوراً. واستهجنت هذه الأوساط توجه السلطة إلى لاهاي. وزعمت أنها مارست قبل الحرب على غزة «ضغوطاً هائلة» على إسرائيل لإسقاط حكم حركة «حماس» في القطاع. وأفادت صحيفة «هآرتس» أمس أن رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال غابي أشكنازي بعث برسالة إلى كل من وزيري القضاء والخارجية وإلى المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية احتج فيها على توجه وزير العدل الفلسطيني إلى المحكمة الدولية بطلب تقديم عسكريين من إسرائيل إلى المحاكمة بتهم ارتكاب جرائم حرب. واعتبر أشكنازي هذا التوجه «خطيراً، خصوصاً حيال العلاقات الإسرائيلية مع السلطة الفلسطينية وتحديداً التعاون بين أجهزة الأمن في الحرب على حماس والحرب المشتركة ضد العدو المشترك في عملية الرصاص المصبوب في غزة». ونقلت صحيفة «معاريف» عن وثيقة أعدتها وزارة الخارجية الإسرائيلية لإطلاع وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان عليها، استهجانها السلوك الفلسطيني (التوجه إلى المحكمة الدولية) «في ظل العلاقات الطيبة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية والضغوط التي مارسها مسؤولون فلسطينيون كبار على إسرائيل لإسقاط حكم حماس». وأشارت الصحيفة إلى أنها المرة الأولى التي تشير فيها وثيقة رسمية في شكل صريح إلى أن السلطة حضت إسرائيل على ضرب «حماس». وجاء في الوثيقة أنه «في الفترة الأخيرة، نلمس مقاربات مقلقة في السلوك الفلسطيني في عدد من المسائل لا تتسق والتعاون والتفاهمات القائمة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية». وأشارت إلى «الحملة» التي قام بها رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض في أوروبا ضد رفع مكانة العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل والمطالبة برهن ذلك بإيفاء إسرائيل بالتزاماتها في العملية السياسية. وتابعت الصحيفة أن الوثيقة أشارت إلى أن أكثر ما يغضب المستويين السياسي والأمني في إسرائيل من تصرف الفلسطينيين هو التوجه إلى المحكمة الدولية في لاهاي. وقال مسؤول سياسي كبير للصحيفة إن هذه الخطوة «تتسم بالرياء المكشوف... من جهة السلطة التي ضغطت علينا لضرب حماس وشجعتنا على القيام بعملية عسكرية، والآن تطالب بأن يقدموا الضباط الإسرائيليين إلى المحاكمة... لقد طلبوا إلينا إنقاذ رجالاتهم في القطاع وأن نستقبلهم في مستشفياتنا ونقدم لهم العون، كما طالبونا بإطلاق سراح أسراهم بعد الحرب وتجاوبنا مع كل طلباتهم. والآن يلعبون لعبة مزدوجة». واعتبرت الوثيقة أن الأمور لا يمكن أن تستمر على هذا النحو وأنه يجب التوضيح لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ولرئيس حكومته أن إسرائيل تنظر إلى هذا السلوك «بخطورة بالغة» وليست مستعدة لتحمّله، وأنه «في حال لم تتبدل سياسة السلطة الفلسطينية هذه فوراً، فإن إسرائيل ستضطر إلى إعادة النظر في تعاطيها مع السلطة وإلى تغيير معاملتها معها في شكل دراماتيكي».