تفاجأ كثير من أعضاء الجمعية السعودية للثقافة والفنون في مختلف فروعها داخل المملكة، بتراجع مجلس إدارة الجمعية عن مطالبته الماراثونية التي استمرت أشهراً عديدة بزيادة المعونة المالية السنوية التي تتلقاها من الجهات الرسمية. حيث أكد مجلس الإدارة في اجتماعه الأخير على لسان رئيس الجمعية سلطان البازعي بموافقته على خطة (تقشف) قدمتها لجنة من المجلس لترشيد النفقات بهدف توفير مخصصات مالية مناسبة للنشاطات، من أهمها تخفيض مصاريف التشغيل والصيانة التي تستهلك النسبة الأكبر من إعانة الجمعية، حيث تزداد سنوياً معدلات الإيجارات لمقرات الفروع وعلاوات الرواتب ومخصصات التأمينات الاجتماعية والتأمين الصحي للموظفين. وتشير مصادر ل»الشرق» إلى أن ما يستنزف موارد الجمعية هي الرواتب الفلكية التي يتقاضاها بعض قياديي الجمعية، التي تستنزف موارد الجمعية وليس مصاريف التشغيل، حيث يبلغ راتب أحد القياديين 25 ألف ريال شهرياً، وهذه الأرقام لم تكن معروفة إبان عهد رئيس الجمعية السابق محمد الشدي، حين كانت الجمعية تحت مظلة الرئاسة العامة لرعاية الشباب. ولمعرفة الإجابات حول هذه التساؤلات، ومناقشة القضية، تواصلت «الشرق» مع رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون سلطان البازعي. لا يوجد أي تناقض، ولكن هذه الإجراءات هي لمقابلة الوضع الذي وصلت إليه الجمعية من زيادة في مصاريفها التشغيلية في مقابل ثبات الإعانة التي تحصل عليها من الدولة، التي كان من الممكن أن تهدد الأنشطة بالتوقف تماماً. لذا كان لابد من فرض هذه الإجراءات لترشيد النفقات وترشيد القوى البشرية حتى يمكن توفير الحد الأدنى لإقامة الأنشطة دون توقف، والمساعي لإقناع الجهات المسؤولة بزيادة المعونة مستمرة، ويقودها الآن وزير الثقافة والإعلام، لأن الاستثمار في مؤسسة مثل جمعية الثقافة والفنون هو استثمار لصالح تنمية قدرات الإبداع لدى شبابنا وشاباتنا وهم الجمهور الأساس الذي تتوجه له الجمعية بجهودها وأنشطتها، ولذا فإن الأمل مازال كبيراً في الوصول إلى هذه القناعة قريباً جداً، وحتى يتحقق ذلك كان لابد من اتخاذ هذه الإجراءات. هذا الكلام ليس دقيقاً في مجمله، فعدد الموظفين بعقود دائمة ليس كبيراً، ومعدلات الرواتب حتى للقياديين هي أقل بكثير من معدلاتها في القطاع الخاص مقارنة بحجم العمل، وهذا ينطبق على الإدارة العامة أو الفروع، فأي مؤسسة تريد موظفاً يؤدي عملاً بمستوى من الإتقان والتفرغ لابد وأن تعطيه المقابل المناسب، ولذا فإن ما تشير إليه بأنها رواتب كبيرة أو متضخمة ليس صحيحاً، إذا نظرت لحجم الجهد المطلوب لأدائه، وهذا الأمر ينطبق على المؤسسات الربحية وغير الربحية مثل الجمعية. - لا أعتقد أن من المنطقي أن تخفض من راتب شخص مستمر في العمل معك، لأن هذا يحدث خللاً في العلاقة العملية، لكن الاختيار الأنسب هو دمج بعض الوظائف، فقد وجدنا على سبيل المثال أن بعض المهام التي يقوم بها شخصان يمكن أن يقوم بها شخص واحد دون تأثير على مستوى الجودة في الأداء، وهذا يحقق الترشيد في استخدام الطاقة البشرية. - العدد لا يعتبر كبيراً لإدارة مؤسسة تدير بدورها 16 فرعاً في جميع مناطق المملكة، ومع ذلك فقد جرى التخفيض في المركز الرئيس وفي الفروع في سعينا لترشيد النفقات والموارد المالية والبشرية لتحقيق أقصى استفادة من هذه الموارد، والهدف من هذا الإجراء الإداري ألا يتوقف العمل في الجمعية أمام الأزمة المالية، وأن تستمر في تقديم أنشطتها، وفي نفس الوقت فإن الجمعية ممثلة بمجلس الإدارة والإدارة العامة ملتزمة بمواصلة السعي لزيادة الموارد المالية وتنويعها لتحقيق الهدف الذي رسمه المجلس منذ بداية عمله وهو زيادة قدرة فروع الجمعية الاستيعابية للطاقات الشابة ورفع جودة التدريب الذي يقدم لهم في مختلف الفروع، وهنا أجدها فرصة لأسجل تقديري وإعجابي للجهد الذي قدمه ويقدمه زملائي في الفروع من المديرين ومسؤولي اللجان، حيث يقدمون مستويات متفوقة من العمل رغم ضيق الموارد والإمكانات، ورغم أنهم جميعاً يعملون بصيغة أقرب للتطوع.