وماذا بعد..؟! يا وطننا العربي الكبير، مزَّقتك الفتن، وأُضرمت النارُ في أرجائك، أَأَصابك الوهن… وأصبحت أشبه ببيت العنكبوت، أدنا أجلُك، وأنفاسك الأخيرة.. هي ما يحدثُ الآن؟ أم إن العقلاء نفضوا عباءاتهم وافترشوا البيوت؟ لأنك لنت لآراء السفهاء ومكَّنت «الرويبضة». أم تكالبت عليك الخيانات والدسائس، وانشق صفُّ الوحدة، المنبثق من جامعة الدول العربية التي عظم اسمها وقلَّ صنيعها وتدبيرها، أم أذعنت لدعاة الحرية والتحرر والديمقراطية – المزيَّفة- التي لا تقوم إلا على أنقاض الإسلام وتشريعاته السماوية..!! نارٌ توقد هنا وهناك اشتعلت، قومية، بعثية، طائفية، إخوانية، وعدِّد ما شئت… موجٌ يتلاطم ومحرِّكُهُ كأنهُ يتلاعب بالدمى، يتغذى على الخلافات والتنازع والتناحر فيما بيننا، سياسة جديدة تنمو وتزدهر على الفوضى. واقعٌ مرير رُسم لنا بدقة، ونحن من أعطاهم الفُرشاة وألوان الخُنوعِ والانكِسار حتى أصبحنا نتفاخر بأننا حُضنُ السلام ومرتعُه. ونظلُّ نستمدُّ قوتنا منهم! ونكتسبُ الضعف حتى لا تمتدَّ جُرأتُنا أسفل أقدامنا.. شئنا أم أبينا هذا هو الحال.. فليس للضعيف حولٌ ولا قوة، وطنٌ ممزق يتصارع عليه الأقوياء. أمةٌ كغثاء السيل كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: أو من قلة نحن يومئذ؟ قال: «بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن»، ونحن الآن نتجرع أقسى أنواع التفرق والشتات والضعف، حالنا كحال الكسيح الأعمى والأبكم.