أصبح السوريون في الوقت الحالي بين مطرقة نظام بشار الأسد وسندان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام التابع للقاعدة (داعش)، وهي وضعية خطيرة تضر بالجيش الحر، الممثل العسكري للثورة والمعارضين المعتدلين، وتجعله عرضةً لمؤامرات كبيرة. الثورة السورية تعمل في آنٍ واحد ضد النظام وضد توسع (داعش) فهي لا تستهين بهذا التنظيم الذي له وجود في عدة دول، وتشتت الجهود هذا ليس في صالح الثورة. إن عمل (داعش) كقوات خاصة خلف خطوط الثوار يُضعفهم ويزيد من معاناة السوريين لأنه يعني استمرار الصراعات التي تؤثر سلباً على معيشتهم، وتتضاعف هذه المعاناة في المناطق المحررة، التي تحاول القاعدة فيها فرض سيطرتها وإخضاع السكان لتعليماتها ولو بالقوة، وهو ما ولّد احتقاناً ضدها ترجمته تظاهرات خرجت تندد بها في الجمعتين الماضيتين بعدة مناطق سورية. مكان المقاتلين الذين غررت بهم مجموعات الإرهاب والتطرف موجود في الجيش الحر إذا عَمِلوا لمصلحة المشروع الثوري الجامع وتخلوا عن مشروع القاعدة الفئوي وأفكار التطرف التي لا يريد الثوار لها مكاناً على خارطة سوريا المستقبل. سوريا عانت من التعصب من قِبَل زمرة الأسد ضد طوائف الشعب، ولا تريد أن تمرر مستبداً يرفع راية مختلفة، هذا القرار اتخذته قوى الثورة ولن تتنازل عنه حتى لا يعاني السوريون مجدداً. وشعب سوريا لم ينتفض ضد الأسد إلا لإصلاح الدولة السورية واسترجاع حياد مؤسساتها، لم يطلب السوريون هدم الدولة كما يفعل المتطرفون الآن وإنما طلبوا استعادتها من نظام تعامل مع السلطة باعتبارها غنيمة. وبصرف النظر عن طبيعة ارتباط (داعش) بالنظام، فإن الوقائع تعكس وجود توجه مشترك لدى الطرفين وهو معاداة مشروع الثورة واستهداف الجيش الحر، وهذا يجعل البحث في طبيعة هذه العلاقة نوعاً من الترف لأن الواقع تجاوز هذه النقطة.