أوقعت المعارك الدائرة بين مقاتلي المعارضة السورية وعناصر من «الدولة الإسلامية في العراق والشام» نحو 500 قتيل، فيما تحاول عشرة بلدان مقربة من المعارضة الضغط عليها غداً الأحد في باريس للمشاركة في مؤتمر جنيف- 2 مع النظام. وتدور اشتباكات عنيفة منذ أسبوع بين مقاتلي المعارضة وعناصر من الدولة الإسلامية (داعش) في مناطق تقع شمال البلاد وخارجة عن سلطة النظام منذ أكثر من عام ما أسفر عن سقوط نحو 500 قتيل أغلبهم من الطرفين المتنازعين. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، إنه «تم توثيق مقتل 482 شخصاً منذ فجر يوم الجمعة 3 يناير الجاري وحتى منتصف يوم أمس الأول الخميس، وذلك خلال الاشتباكات بين مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام من طرف، ومقاتلي كتائب إسلامية مقاتلة والكتائب المقاتلة من طرف آخر». وأشار المرصد إلى أن من بين القتلى «85 مدنياً و240 مقاتلا معارضا و157 عنصرا من الدولة الإسلامية في العراق والشام»، لافتاً إلى أن الاشتباكات تدور في محافظات حلب (شمال) وإدلب (شمال غرب) والرقة (شمال) وحماة (وسط). كما أفاد المرصد عن «إعدام الدولة الإسلامية في العراق والشام» لعشرات المواطنين، ومقاتلي الكتائب المقاتلة في معتقلاتها بعدة مناطق ووجود عشرات المقاتلين من الطرفين الذين لقوا مصرعهم خلال هذه الاشتباكات، لافتاً إلى عدم «التمكن من توثيقهم حتى اللحظة». وأحرز مقاتلو «الدولة الإسلامية في العراق والشام» تقدما أمس الجمعة في المعارك الجارية في الرقة (شمال) فيما يواصل مقاتلو المعارضة هجومهم في ريفي حلب (شمال) وإدلب (شمال غرب)، حسبما ذكر ناشطون أمس. ويقدر الباحث في مركز بروكينجز في الدوحة، تشارلز ليستر، عدد مقاتلي داعش في سوريا بما بين ستة وسبعة آلاف، وفي العراق بما بين خمسة وستة آلاف. وعادت من جديد ظاهرة المظاهرات الاحتجاجية التي كانت تخرج كل يوم جمعة ضد النظام السوري وبدأ بها الصراع السوري في مارس 2011 قبل أن يتحول إلى نزاع مسلح. وهتف المتظاهرون الذين خرجوا أمس في مدينة بنش في ريف إدلب «سوريا حرة، داعش تطلع برة» رافعين لوحات عليها صور الرئيس السوري بشار الأسد وكُتِبَ عليها «بشار الأسد هو عدونا الرئيسي». وفي غزة، نظمت حركة حماس أمس تظاهرة شمال القطاع للتضامن مع مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سوريا الذي يتعرض لحصار شديد أسفر عن وفاة 15 شخصاً على الأقل بسبب الجوع. وانطلق المشاركون في المسيرة بعد أداء صلاة الجمعة إلى مسجد الخلفاء في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة وهم يحملون يافطات تدعو لفك الحصار عن اليرموك كُتِبَ على إحداها «أنقذوا اليرموك قبل فوات الأوان». وفي ظل هذه المعارك الدامية، ستحاول 11 دولة تساند المعارضة الضغط عليها لإقناعها بالمشاركة في مؤتمر جنيف- 2 المقرر عقده في 22 من الشهر الجاري في سويسرا لحل الأزمة في البلاد. وقال وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، الذي دعا إلى عقد هذا اللقاء الوزاري في باريس «نعتبر أن مؤتمر جنيف- 2 ضروري شرط احترام مهمته، ونطلب من الطرفين بذل جهود للمشاركة فيه». ولم يحسم الائتلاف السوري، الذي يشهد انقسامات عميقة حول هذه المسألة الذي عقد اجتماعاً الأسبوع الماضي في إسطنبول، أمر المشاركة وأرجأ قراره في هذا الشأن إلى 17 يناير الجاري. وحذر أبرز مجموعات المعارضة في المنفى من إجراء أي شكل من أشكال التفاوض مع النظام السوري، وسبق للمجلس الوطني السوري، أبرز مكونات الائتلاف أن عبر عن رفضه المشاركة في جنيف- 2، مطالباً بضمانات حول تنحي الرئيس بشار الأسد. إلى ذلك، بدأ رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بيتر ماورير، زيارة إلى سوريا لتقييم الوضع الإنساني والتفاوض من أجل السماح للجنة بتحرك أوسع على الميدان في البلاد، بحسب ما جاء في بيانٍ لها. وسيعقد رئيس اللجنة الدولية خلال زيارته التي ستستمر ثلاثة أيام مباحثات في دمشق مع عدد من كبار المسؤولين في الحكومة السورية ومع قيادة ومتطوعي الهلال الأحمر العربي السوري، الشريك الرئيسي للجنة الدولية في البلاد. وسيزور ماورير أيضاً «الأشخاص الذين يكابدون آثار النزاع للوقوف على الوضع مباشرة». وانطلق النزاع المسلح في سوريا بعد أن قام النظام بقمع حركة احتجاجية مناهضة له في مارس 2011، وقُتِلَ منذ اندلاعها أكثر من 130 ألف شخص، وأُجبِرَت الملايين على الفرار من منازلها.