أرسل حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا في وقت متأخر ليل الثلاثاء مقترحات إلى البرلمان تهدف إلى منح حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان مزيداً من الصلاحيات في تعيين القضاة وممثلي الادعاء وهي أحدث خطوة تلجأ إليها الحكومة في معركتها ضد التحقيقات في مزاعم فساد. ووصف أردوغان التحقيقات التي تشكل أكبر تهديد لحكمه الممتد منذ11 عاماً بأنها «انقلاب قضائي» بتدبير من رجل الدين فتح الله كولن الذي يتمتع بنفوذ واسع وإن كان مستترا داخل القضاء والشرطة. ويقترح مشروع القانون الذي أعده الحزب الحاكم ونشر على الموقع الرسمي للبرلمان على الإنترنت إجراء تغييرات في هيكل المجلس الأعلى للقضاة وممثلي الادعاء وهو الجهة المسؤولة عن التعيينات في الهيئات القضائية. ويوجه أردوغان انتقادات للمجلس منذ الإعلان عن فضيحة الفساد الشهر الماضي. ويسمح القانون المقترح بانتخاب وكيل وزارة العدل رئيسا للمجلس وهو ما سيزيد من سيطرة الحكومة على اختيار القضاة. وقال أردوغان لأنصاره في تجمع حاشد يوم 29 ديسمبر «يجب ألا يبقى أحد بعيداً عن الرقابة. في هذا البلد سيخضع رئيس الوزراء للرقابة وكذا الوزراء وأعضاء البرلمان فيما عدا هؤلاء السادة؟» وأضاف «لا ينبغي أن تسير الأمور على هذا النحو.» وتتمتع حركة «خدمة» التي يتزعمها كولن بالنفوذ من خلال شبكة من العلاقات أقيمت عن طريق رعاية مدارس ومنظمات اجتماعية وإعلامية أخرى. ويتبادل أردوغان والحركة الاتهامات بالتلاعب في الشرطة والقضاء. ونفت حركة «خدمة» وقوفها وراء إطلاق التحقيق في قضية الفساد. وأبعدت الحكومة المئات من رجال الشرطة عن مناصبهم ومن بينهم قادة كبار منذ الكشف عن فضيحة الفساد في 17 ديسمبر واحتجاز العشرات من الأشخاص بينهم رجال أعمال مقربون من الحكومة وأبناء ثلاثة من الوزراء. وفي نفس السياق عبرت المفوضية الأوروبية أمس عن «قلقها» إزاء الأزمة في تركيا وطالبت بتحقيق «شفاف وحيادي» حول الاتهامات بالفساد التي تطال فريق رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. وقال أحد المتحدثين باسم المفوضية أوليفيه بايي إن «التطورات الأخيرة في تركيا تشكل مصدر قلق للمفوضية الأوروبية» داعيا إلى تحقيق «شفاف وحيادي» حول المزاعم بالفساد التي طالت بعض القادة الأتراك. وأضاف «نطالب تركيا باتخاذ كل الإجراءات اللازمة» في هذا الصدد مذكراً بأنه بصفتها مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي عليها أن «تحترم معايير الانضمام وبينها احترام دولة القانون». وسبق أن عبر المفوض الأوروبي لشؤون التوسيع ستيفان فولي عن «قلقه» في 27 ديسمبر بعد رد الحكومة الإسلامية المحافظة في تركيا على اتهامها في قضايا فساد معتبراً أن «التغييرات التي تمت داخل الشرطة القضائية نسفت استقلالية وحيادية التحقيقات». لكن الفريق الحاكم واصل منذ ذلك الحين عمليات التطهير في صفوف القضاء والشرطة مع تسريح 350 شرطياً الثلاثاء في أنقرة. وقال المتحدث باسم المفوضية إن «هذه التطورات يمكن أن تضعف قدرة النظام القضائي والشرطة على التحقيق بشكل مستقل».