اتهمت المعارضة التركية أمس رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الذي استقال ثلاثة من وزرائه وسط فضيحة فساد، بأنه يحاول أن يحكم من خلال «دولةعميقة» تعمل في الخفاء. وجاء اتهام المعارضة بعد أن أجرى أردوغان الليلة الماضية تعديلاً وزارياً يشدد قبضته على الشرطة بعد أن أقصت حكومته عدداً من قادتها بالفعل. ومن بين عشرة وزراء جدد يُكِنُّون الولاء لرئيس الوزراء في التعديل الحكومي سيشغل أفكان أعلى الحاكم السابق لإقليم ديار بكر المضطرب منصب وزير الداخلية وسيشرف على الأمن الداخلي لتركيا. ويَخلُف أعلى وزير الداخلية السابق معمر جولر الذي كان من بين ثلاثة وزراء استقالوا لهم أبناء بين أولئك الذين أُلقِي القبض عليهم في تحقيق الفساد. وما زال اثنان من أبناء الوزراء محتجزَيْن إلى جانب 22 شخصاً آخرين. وبدأت الأزمة في 17 ديسمبر عندما أُلقِي القبض على عشرات الأشخاص من بينهم رئيس بنك خلق المملوك للدولة بتهم فساد. ووضعت الأزمة أردوغان في مواجهة مع السلطة القضائية وأشعلت مجدداً المشاعر المناهضة للحكومة التي تجيش بها صدور معارضين منذ احتجاجات حاشدة في الشوارع في منتصف 2013. وكرر اثنان من الوزراء الثلاثة المستقيلين هما وزير الداخلية جولر ووزير الاقتصاد ظافر جاجلايان تصريحات رئيس الوزراء، بأن التحقيق مؤامرة بلا أساس ضد الحكومة. لكن الثالث وهو وزير البيئة أردوغان بيرقدار انقلب على الزعيم التركي وطالبه بالاستقالة وقال لقناة (إن. تي. في) الإخبارية التليفزيونية «من أجل صالح هذه الأمة وهذا البلد أعتقد أن على رئيس الوزراء أن يستقيل». وقام جولر وزير الداخلية السابق بإقالة أو نقل عشرات من ضباط الشرطة المشاركين في التحقيق من بينهم قائد شرطة إسطنبول. وقال كمال كيليجدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري وهو أكبر حزب معارض في تركيا في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام التركية، إن أردوغان «يحاول تشكيل حكومة لا تبدي له أي معارضة». وأضاف «أردوغان عنده دولة عميقة حزب العدالة والتنمية (الذي يتزعمه) لديه دولة عميقة وأفكان أعلى من عناصر الدولة العميقة هذه». والدولة العميقة تعني بالنسبة للأتراك هيكلاً للسلطة يعمل في الظل لا تعوقه أي ضوابط ديمقراطية. وخلال رئاسته للحكومة طوال ثلاث فترات متوالية تمكن أردوغان من تغيير تركيا، وقلص من نفوذ جيشها العلماني القوي، وأشرف على توسع اقتصادي سريع، وتمكن من الصمود في وجه احتجاجات مناهضة لحكمه اجتاحت المدن الكبرى في منتصف عام 2013. لكن فضيحة الفساد دفعت الاتحاد الأوروبي إلى الدعوة إلى تأمين القضاء التركي المستقل وهزت العملة وانخفضت الليرة التركية إلى مستوى قياسي وسجلت 2.1025 ليرة للدولار. ويبدو الصراع قوياً وشخصياً في آن واحد بالنسبة لأردوغان. وكشفت أحدث فضيحة عن التنافس بين أردوغان ورجل الدين التركي المقيم في الولاياتالمتحدة فتح الله كولن الذي تزعم حركته «خدمة» أن عدد أتباعها يصل إلى مليون شخص، وبينهم شخصيات كبيرة في الشرطة والقضاء، وتدير مدارس وجمعيات خيرية في أنحاء تركيا وفي الخارج. ونفى كولن أي دور له في المسألة. وقال أردوغان أمس الأربعاء في إشارة إلى كولن فيما يبدو «لن نسمح لمنظمات معينة تعمل تحت ستار الدين لكن تُستخدَم كأدوات لدول معينة بتنفيذ عملية ضد بلدنا».