من الصعب فصل أي تطور جديد في العراق اليوم عما يجري في سوريا، فالتصريحات التي أطلقها مقتدى الصدر قبل أيام بأن العراق متجه إلى التقسيم الطائفي سياسياً واجتماعياً وعقائديا، لا يمكن النظر له بمعزل عما يجري في سوريا خاصة مع محاولات النظام إضفاء الصبغة الطائفية على الصراع ضد قوى الثورة، خاصة مع وجود آلاف المقاتلين العراقيين إلى جانب قوات الأسد في حربه ضد الشعب السوري، وما ترتب على ذلك من استقطاب سياسي وطائفي في كلا البلدين، بالإضافة إلى دخول تنظيم دولة العراق والشام «داعش» إلى سوريا الذي يعزز الصبغة الطائفية على الصراع السوري. رئيس وزراء العراق نوري المالكي أقحم الشعب العراقي الذي لم يتعافَ بعد من الحرب الأهلية في الصراع السوري بدعمه الأسد سياسيا وعسكريا بسماحه لمليشيات طائفية بالقتال إلى جانب نظامه، مؤججا مرة أخرى النزاع بين أبناء الشعب الواحد. ويكمل المالكي محاولاته في إثارة الفتن والحروب طمعا في بقائه في السلطة ولو على حساب دماء العراقيين، في قراره بفض اعتصامات الأنبار واقتحام جنوده ساحاتها بحجة محاربة تنظيم القاعدة، وهذا القرار قد يكون الشرارة التي تشعل مواجهات طائفية واسعة، استكمالا لما نجح الأسد به في سوريا وبات يهدد لبنان أيضا. والمالكي الذي يحكم العراق منذ ثماني سنوات تقريبا لا يزال يصر على الاستمرار في السلطة رغم أن سنوات حكمه كانت الأكثر دموية في هذا البلد، وما زال العراق غارقا في مشكلاته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ولم يوفر حتى الأمن للعراقيين، ولم يقدم لهم سوى المليشيات الخارجة عن القانون التي توزع الموت على العراقيين يوميا، حتى ضاق كثير من المقربين ذرعا به وبمليشياته، وأصبح مكشوفا لكل الأطراف العراقية والإقليمية. كثير من سياسيي العراق ومراقبين يرون أن توقيت إعلان المالكي الحرب على تنظيم القاعدة الآن وإثارته الفتنة الطائفية بين العراقيين باقتحام ساحات الاعتصام، إنما يريد منه تعطيل الانتخابات البرلمانية، وإعلان حالة طوارئ تسمح له بالبقاء في السلطة كحاكم مطلق بعد سيطرته على مفاصل الدولة الأمنية والعسكرية، على طريقة النظام السابق مع فارق أنه لا يخدم مصالح العراق والعراقيين، بل ومغرقا العراق في حروب لا تنتهي تهدد بتقسيمه وتفتيته. بات مطلوبا من كل القادة الوطنيين في العراق بجميع انتماءاتهم السياسية والمذهبية أن يرصوا الصفوف لتفويت فرصة المالكي الأخيرة في إثارة الحرب وإهدار الدم العراقي وتعريض وحدة البلاد للخطر.